للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشكرهم وليقتدى بهم في ذلك، فبالابتلاء يتبين صبر العبد وشكره ونجاته وقوته في دين الله عز وجل، كما قال سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (١) وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (٢) فلا بد من الامتحان والفتنة كما تقدم، وكما قال جل وعلا: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (٣) وقال سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (٤) وقال سبحانه: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٥) فالاختبار لا بد منه، فالرسل وهم خير الناس امتحنوا بأعداء الله. نوح ما جرى عليه من قومه، وهكذا هود، وصالح، وغيرهم وعلى رأسهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، وإمام المتقين، وأفضل المجاهدين، ورسول رب العالمين. قد علم ما أصابه بمكة، وفي المدينة وفي الحروب، ولكنه صبر صبرا عظيما حتى أظهره الله على أعدائه وخصومه، ثم ختم له سبحانه وتعالى بأن فتح عليه مكة ودخل الناس في دين الله أفواجا، فلما أتم الله النعمة عليه وعلى أمته وأكمل لهم الدين اختاره إلى الرفيق الأعلى وإلى جواره - عليه الصلاة والسلام- بعد المحنة العظيمة والصبر العظيم والبلاء الشديد، فكيف يطمع أحد بعد ذلك أن يسلم أو يقول متى كنت متقيا أو مؤمنا فلا يصيبني شيء، ليس الأمر كذلك بل لا بد من


(١) سورة العنكبوت الآية ٢
(٢) سورة العنكبوت الآية ٣
(٣) سورة محمد الآية ٣١
(٤) سورة الأنبياء الآية ٣٥
(٥) سورة الأعراف الآية ١٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>