للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدل على أن ذلك هو الحكمة في خلق الجن والإنس وإرسال الرسل وإنزال الكتب، فالواجب على جميع المكلفين: العناية بهذا الأمر والفقه فيه، والحذر مما وقع فيه الكثيرون من المنتسبين إلى الإسلام من الغلو في الأنبياء والصالحين والبناء على قبورهم واتخاذ المساجد والقباب عليها، وسؤالهم والاستغاثة بهم واللجوء إليهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب وشفاء المرضى والنصر على الأعداء إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأكبر.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما دل عليه كتاب الله عز وجل، ففي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ فقال معاذ: قلت: الله ورسوله أعلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (١) » الحديث.

وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار (٢) » وخرج مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (٣) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وهذه المسألة هي أهم المسائل وأعظمها، وقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، فقام بتبليغ ما بعثه الله به عليه الصلاة والسلام أكمل قيام، وأوذي في الله أشد الأذى فصبر على ذلك وصبر معه أصحابه رضي الله عنهم على تبليغ الدعوة حتى أزال الله من الجزيرة العربية جميع الأصنام والأوثان، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وكسرت الأصنام التي حول الكعبة وفي داخلها، وهدمت اللات والعزى ومناة، وكسرت جميع الأصنام التي في قبائل العرب، وهدمت الأوثان التي لديهم، وعلت كلمة الله وظهر الإسلام في الجزيرة العربية.

ثم توجه المسلمون بالدعوة والجهاد إلى خارج الجزيرة وهدى الله بهم من سبقت له السعادة من العباد، ونشر الله


(١) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٨٥٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٣٠) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٣) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٩٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٣٦) .
(٢) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٧٤) .
(٣) صحيح البخاري العلم (١٢٩) ، صحيح مسلم الإيمان (٣٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>