للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن الطلبة الذين يدرسون بعض القوانين الوضعية، أو المدخل إليها في معهد القضاء أو في معهد الإدارة لا يقصدون بذلك أن يحكموا بما خالف شرع الله منها، وإنما أرادوا أو أريد منهم أن يعرفوها ويقارنوا بينها وبين أحكام الشريعة الإسلامية ليعرفوا بذلك فضل أحكام الشريعة على أحكام القوانين الوضعية، وقد يستفيدون من هذه الدراسة فوائد أخرى تعينهم على المزيد من التفقه في الشريعة والاطمئنان إلى عدالتها.

ولو فرضنا أنه قد يوجد من بينهم من يقصد بتعلمها الحكم بها بدلا من الشريعة الإسلامية ويستبيح ذلك، لم يجز أن يحكم على الباقين بحكمه؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجني جان إلا على نفسه (٢) » .

وبما ذكرنا يتضح لفضيلتكم أن القدح في إمامة الطلبة المذكورين والحكم بعدم صحة الصلاة خلفهم أمر لا تقره الشريعة، ولا يقره أهل العلم، وليس له أصل يرجع إليه، وأرجو أن يكون ما ذكرته مزيلا لما وقع في نفس فضيلتكم من الشك في أمر الطلبة المذكورين في القسم الأول، أو تفسيقهم أو تكفيرهم، أما القسم الثاني فإنه لا شك في فسقهم، وأما القسم الثالث فإنه لا شك في كفر أهله وعدم صحة الصلاة خلفهم.

وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن مضلات الفتن إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(١) سورة الأنعام الآية ١٦٤
(٢) سنن الترمذي الفتن (٢١٥٩) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>