ويمن عليهم بالعودة إليه مرة بعد مرة، ليضرعوا إليه جل وعلا.
هذه أعظم المنافع، أن يعبدوه وحده، وأن يأتوا قاصدين وجهه الكريم لا رياء ولا سمعة، بل جاءوا ليطوفوا في بيته، وليعظموه، وليصلوا في رحاب بيته ويسألوه من فضله جل وعلا. هذه أعظم المنافع وأكبرها، توحيده والإخلاص له، والإقرار بذلك بين عباده، والتواصي بذلك بين العباد الوافدين. يتعرفون هذا الأمر العظيم، ويلبون بأصوات يسمعها كل أحد؛ ولهذا شرع الله رفع الصوت بالتلبية، ليعرفوا هذا المعنى، وليحققوه، وليتعهدوه في قلوبهم وألسنتهم. وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن جبرائيل أتاني فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال (١) » . فالسنة رفع الصوت بهذه التلبية، حتى يعلمها القاصي والداني، ويتعلمها الكبير والصغير، والرجل والمرأة، وحتى يستشعر معناها ويتحقق معناها، وأن معناها إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه إلههم الحق، خالقهم ورازقهم ومعبودهم جل وعلا في الحج وغيره.
ومن مقاصد الحج أن يتعارف المسلمون ويتواصوا بالحق
(١) رواه الإمام أحمد في (مسند المدنيين) حديث السائب بن خلاد برقم (١٦١٢٢) ، والترمذي في (الحج) باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية برقم (٨٢٩) .