للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه ظن أن عبادة الأحبار والرهبان إنما تكون في الذبح لهم، والنذر لهم، والسجود والركوع لهم فقط ونحو ذلك، وذلك «عندما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وسمعه يقرأ هذه الآية. فقال: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، يريد بذلك النصارى حيث كان نصرانيا قبل إسلامه، قال صلى الله عليه وسلم: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم فتحلونه؟ قال: بلى قال: فتلك عبادتهم» . رواه أحمد والترمذي وحسنه.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير (ولهذا قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} (١) أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله فهو الحلال، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٢) أي: تعالى وتقدس وتنزه عن الشركاء والنظراء والأعوان والأضداد، والأولاد لا إله إلا هو ولا رب سواه) [ا. هـ - ص ٣٤٩ من الجزء الثاني] .

"فصل"

إذا علم أن التحاكم إلى شرع الله من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فإن التحاكم إلى الطواغيت والرؤساء والعرافين ونحوهم ينافي الإيمان بالله عز وجل، وهو كفر وظلم وفسق، يقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (٣) ويقول: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٤) ويقول: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٥)


(١) سورة التوبة الآية ٣١
(٢) سورة التوبة الآية ٣١
(٣) سورة المائدة الآية ٤٤
(٤) سورة المائدة الآية ٤٥
(٥) سورة المائدة الآية ٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>