للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك يعلم أن التعدي على الناس وإيذاءهم في هذا الحرم الآمن بقول أو فعل من أشد المحرمات المتوعد عليها بالعذاب الأليم، بل من الكبائر.

ولما فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، خطب الناس وقال: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمه الناس، وإن الله جل وعلا لم يحله لي إلا ساعة من نهار، وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب (١) » وقال: «إنه لا يحل لأحد أن يسفك فيه دما، أو يعضد فيه شجرة، ولا ينفر صيده، ولا يختلى خلاه، ولا تلتقط لقطته إلا لمنشد (٢) » أي معرف.

فإذا كان الصيد والشجر محترمين فيه، فكيف بحال المسلم؟ فمن باب أولى أن يكون تحريم ذلك أشد وأعظم، فليس لأحد أن يحدث في الحرم شيئا مما يؤذي الناس لا بقول ولا بفعل، بل يجب أن يحترمه، وأن يكون منقادا لشرع الله فيه، وأن يعظم حرمات الله أشد من أن يعظمها في غيره، وأن يكون سلما لإخوانه يحب لهم الخير، ويكره لهم الشر،


(١) رواه البخاري في (العلم) باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب برقم (١٠٤) ، ومسلم في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها برقم (١٣٥٤) .
(٢) رواه البخاري في (الجزية) باب إثم الغادر للبر والفاجر برقم (٣١٨٩) ، ومسلم في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها برقم (١٣٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>