المذكور، ويكفيه هذا الوداع عن وداع آخر إذا أراد الخروج إليها مرة أخرى؛ لكونه قد أتى بالوداع المأمور به، لكن إذا أراد الخروج إلى بلاده فالأحوط له أن يودع مرة أخرى للشك في إجزاء الوداع الأول، أما من ترك الوداع ففيه تفصيل، فإن كان من النوع الأول، فالأقرب أن عليه دما؛ لكونه ترك نسكا واجبا، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: من ترك نسكا أو نسيه فليهرق دما فهذا الأثر هو عمدة من أوجب الدم في سائر واجبات الحج، وهو أثر صحيح، وقد روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الموقوف أصح، والأقرب أنه في حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الحكم يبعد أن يقوله ابن عباس من جهة رأيه، والله سبحانه وتعالى أعلم، وأما إن كان من النوع الثاني: وهو الذي خرج إلى جدة أو الطائف أو نحوهما لحاجة، وليسا بلده وإنما خرج إليهما لحاجة عارضة ونيته الرجوع إلى مكة ثم الوداع إذا أراد الخروج إلى بلده، فهذا لا يظهر لي لزوم الدم له، فإن فدى على سبيل الاحتياط فلا بأس، والله أعلم.