للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل، يقال أسلم فلان لفلان أي ذل له وانقاد، ومعنى أسلمت لله أي ذللت له وانقدت لأمره خاضعا له سبحانه وتعالى.

فالإسلام هو الاستسلام لله بالأعمال الظاهرة، والإيمان هو التصديق بالأمور الباطنة، والظاهرة مما جاء في الشرع المطهر وهذا كله عند الاقتران، ولهذا لما قرن بينهما في هذا الحديث الصحيح فسر رسول الله عليه الصلاة والسلام الإسلام بالأمور الظاهرة وهي الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج، والإيمان بالأمور الباطنة وهي الإيمان بالله وملائكته إلخ.

ومن هذا الباب ما جاء في الحديث الصحيح قيل: «يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (١) » . وفي حديث آخر «أي الإسلام أفضل؟ ، قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده (٢) » .

فالإسلام أخص بالأعمال الظاهرة التي يظهر بها الانقياد لأمر الله والطاعة له والانقياد لشريعته وتحكيمها في كل شيء، والإيمان أخص بالأمور الباطنة المتعلقة بالقلب من التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ولهذا لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره (٣) » ، ففسر الإيمان بهذه الأمور الستة التي هي أصول الإيمان وهي في نفسها أصول الدين كله لأنه لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، فالإيمان بهذه الأصول لا بد منه لصحة الإسلام لكن قد يكون كاملا وقد يكون ناقصا، ولهذا قال الله عز وجل في حق الأعراب: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٤)


(١) صحيح البخاري الاستئذان (٦٢٣٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٣٩) ، سنن الترمذي الأطعمة (١٨٥٥) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٠) ، سنن أبو داود الأدب (٥١٩٤) ، سنن ابن ماجه الأطعمة (٣٢٥٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٦٩) ، سنن الدارمي الأطعمة (٢٠٨١) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (١١) ، صحيح مسلم كتاب الإيمان (٤٢) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٢٨) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩٩) .
(٣) سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٠) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٩٥) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٨) .
(٤) سورة الحجرات الآية ١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>