للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مشيئة، وقد أخطأوا في ذلك وأصابوا في الإيمان بالقدر.

أما القدرية النفاة، فغلوا في نفي القدر وأفرطوا في ذلك وأخطأوا في هذا غاية الخطأ ولكنهم أصابوا في إثبات المشيئة والاختيار للعبد، وأخطأوا في جعله مستقلا بذلك. فأهل السنة والجماعة أخذوا ما عند الطائفتين من الحق وتركوا ما عندهما من الباطل.

وهكذا يجب على أهل الحق إذا ردوا على أهل الباطل أن يفصلوا وأن ينصفوا، فيقولوا لهم قلتم كذا وقلتم كذا، فنحن معكم في هذا، ولسنا معكم في هذا، نحن معكم في الحق الذي قلتموه كالإيمان بالقدر ولسنا معكم بأن العبد مجبور، بل له اختيار ومشيئة، ويقال للمعتزلة وأشباههم نحن معكم في أن العبد له مشيئة واختيار، ولكن لسنا معكم في تجهيل الله سبحانه وإنكار علمه ومشيئته.

وهكذا يقال للشيعة نحن معكم في محبة أهل البيت ومحبة علي رضي الله عنه وأرضاه، فإنه ومن سار على نهجه على هدى وأنه من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو أفضلهم بعد الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا، ولكن لسنا معكم في أنه معصوم ولسنا معكم في أنه الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قبله ثلاثة، ولسنا معكم في أنه يعبد من دون الله ويستغاث به وينذر له ونحو ذلك، لسنا معكم في هذا، لأنكم مخطئون في هذا خطأ عظيما، لكن نحن معكم في محبة أهل البيت الملتزمين بشريعة الله والترضي عنهم والإيمان بأنهم من خيرة عباد الله عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديث زيد بن أرقم المخرج في صحيح مسلم: «إني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به. . . ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي (١) » .

وهكذا بقية الطوائف نأخذ ما معهم من الحق ونقر لهم به، ونرد عليهم


(١) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٠٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٦٧) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (٣٣١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>