الإنسان في معنى الجمع، وخَصَّ الإنسان بالذِّكر من بين ما يتناوله الخلق لشرفه.
(فَرَجَعَ بِهَا) أي: بالآيات (رَسُولُ اللهِ ﷺ) إلى أهله حال كونه (يَرْجُفُ) -بضمِّ الجيم- يخفِق ويضطرب (فُؤَادُهُ) قلبه أو باطنه أو غشاؤه؛ لما فجأه من الأمر المخالف للعادة والمألوف، فنفر طبعه البشريُّ وهاله ذلك، ولم يتمكَّن من التأمُّل في تلك الحالة؛ لأنَّ النُّبوَّة لا تزيل طباع البشريَّة كلِّها (فَدَخَلَ)﵊(عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ) أمِّ المؤمنين (﵂) التي أَلِفَ تأنيسها له، فأعلمها بما وقع له (فَقَالَ)﵊: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي) بكسر الميم مع التَّكرار مرَّتين، من التَّزميل؛ وهو: التَّلفيف، وقال ذلك لشدَّة ما لحقه من هول الأمر، والعادة جاريةٌ بسكون الرِّعدة بالتَّلفُّف (فَزَمَّلُوهُ) بفتح الميم (حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ) بفتح الرَّاء، أي: الفزع (فَقَالَ)﵊(لِخَدِيجَةَ)﵂(وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ) جملة حاليَّةٌ: (لَقَدْ) أي: والله لقد (خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي) الموت من شدَّة الرُّعب (١)، أو المرض، كما جزم به في «بهجة النُّفوس»، أو إنِّي لا أطيق حمل أعباء الوحي لما لقيته أوَّلًا عند لقاء الملَك، وليس معناه الشَّك في أنَّ ما أتى به من الله، وأكَّد بـ «اللَّام» و «قد» تنبيهًا على تمكُّن الخشية من قلبه المقدَّس، وخوفه على نفسه الشَّريفة (فَقَالَتْ) له ﵊(خَدِيجَةُ)﵂، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي:«قالت» بإسقاط الفاء: (كَلَّا) نفيٌ وإبعادٌ، أي: لا تَقُلْ ذلك، أو لا خوف عليك (وَاللهِ؛ مَا يُخْزِيْكَ اللهُ أَبَدًا) بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة وبالخاء المعجمة السَّاكنة والزَّاي المكسورة وبالمثنَّاة التَّحتيَّة السَّاكنة، من الخزي أي: ما يفضحك الله، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ:«ما يَحْزُنك الله» بفتح أوَّله وبالحاء المُهملَة السَّاكنة والزَّاي المضمومة، أو بضمِّ أوَّله مع كسر الزَّاي وبالنُّون، من الحزن، يُقال: حزنه وأحزنه (إِنَّكَ) بكسر الهمزة؛