للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله «﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ إلى آخر قوله: ﴿مِن مَّحَارِيبَ﴾» ثابتٌ لأبي ذرٍّ، وقال غيره: بعد قوله: «﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ إلى قوله: ﴿مِن مَّحَارِيبَ﴾»، وثبت لأبي ذرٍّ أيضًا قوله: «﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ﴾ إلى آخر: ﴿الشَّكُورُ﴾» وكان سليمان لمَّا دنا أجله وأُعلِم به قال: اللَّهمَّ عمِّ على الجنِّ موتي حتَّى تعلم الإنس أنَّ الجنَّ لا يعلمون الغيب، وكانت الجنُّ تخبر الإنس أنَّهم يعلمون من الغيب أشياء، ثمَّ دخل محراب بيت المقدس فقام يصلِّي متوكِّئًا على عصاه فمات قائمًا، وكان للمحراب كوًى بين يديه وخلفه، فكانت الجنُّ تعمل تلك الأعمال الشَّاقَّة وينظرون إلى سليمان، فيرونه فيظنُّونه حيًّا، فلا ينكرون خروجه للنَّاس، لطول صلاته حتَّى أكلت الأرضة عصاه، فخرَّ ميتًا، ثمَّ فتحوا عنه وأرادوا أن يعرفوا وقت موته، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت يومًا وليلةً مقدارًا، فحسبوا ذلك المقدار (١)، فوجدوه قد مات منذ سنةٍ، وكان عمره ثلاثًا وخمسين سنةً، وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنةً، وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربعٍ مضين من ذلك.

(﴿حُبَّ الْخَيْرِ﴾) في قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ﴾ [ص: ٣٢] أي: الخيل الَّتي شغلتني (﴿عَن ذِكْرِ رَبِّي﴾) قال قتادة: عن صلاة العصر حتَّى غابت الشَّمس.

(﴿فَطَفِقَ مَسْحًا﴾) أي: فأخذ يمسح مسحًا (﴿بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ [ص: ٣٣]) أي: (يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا) حبًّا لها، وقيل: يمسح بالسَّيف سوقها وأعناقها؛ يقطعها تقرُّبًا إلى الله تعالى وطلبًا لرضاه، حيث اشتغل بها عن طاعته، وهذا أوجه.

(﴿الْأَصْفَادِ﴾) في قوله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [ص: ٣٨] أي: (الوَثَاقُ) أي: وآخرين من الشَّياطين قُرِن بعضهم مع بعضٍ في الأغلال ليكفُّوا عن الشَّرِّ.

(قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿الصَّافِنَاتُ﴾) في قوله: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ﴾ هي من قولهم: (صَفَنَ الفَرَسُ) بفتح الصَّاد والفاء والنُّون، و «الفرسُ» رفع فاعلٍ، أي: (رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ (٢)


(١) «المقدار»: ليس في (د).
(٢) في (ب) و (س): «يكون»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>