للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: المرادُ بقوله: «كتبَ» أمر بالكتابة، فإسناد الكتابة إليه مجاز، وهو كثيرٌ كقولهم: كتب إلى كسرى، وكتب إلى قيصر، فقوله: «كتب» أي: أمر عليًا أن يكتبَ.

وأمَّا إنكارُ بعض المتأخِّرينَ على أبي مسعود نسبتها إلى تخريج البخاريِّ فليس بشيءٍ، فقد علم ثبوتَها فيه، وكذا أخرجه النَّسائي عن أحمدَ بنِ سليمانَ عن عبيدِ الله بنِ موسى، وكذا أحمدُ عن يحيى بنِ المثنَّى عن إسرائيل، ولفظه: «فأخذَ الكتابَ وليس يحسنُ أن يكتبَ، فكتبَ مكان رسول الله : هذا ما قاضى عليه محمد بنُ عبدِ الله». نعم لم يذكرِ البخاريُّ هذه الزِّيادة في «الصُّلح» [خ¦٢٦٩٩] حيث ذكر الحديثَ عن عبيدِ الله بنِ موسى بهذا الإسناد. وقول الباجيِّ: إنَّه كتبَ بعد أن لم يكتب، وأنَّ ذلك معجزةٌ أخرى، ردَّه (١) عليه علماءُ الأندلس في زمانهِ، ورموه بسبب ذلك بالزَّندقة، والله أعلم. قال السُّهيليُّ: والمعجزاتُ يستحيلُ أن يدفعَ بعضُها بعضًا.

ولأبي ذرٍّ وابن عساكرٍ «هذا ما قاضَى عليهِ محمد بنُ عبد اللهِ» (لَا يُدْخِلُ) بضم أوله وكسر ثالثه (مَكَّةَ السِّلَاحَ إِلَّا السَّيْفَ فِي القِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ) بفتح أوله وضم ثالثه (مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ) وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «إن» من «إن أرادَ» الثَّانية (أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا) في العام المقبل (وَمَضَى الأَجَلُ) أي: قَرُبَ مضيُّ الثَّلاثة أيَّام (أَتَوْا) كفَّار قريشٍ (عَلِيًّا، فَقَالُوا) له: (قُلْ لِصَاحِبِكَ) يعنونَ النَّبيَّ : (اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ) وفي «مغازي أبي الأسود» عن عروةَ: «فلمَّا كان اليومُ الرَّابع جاءَه (٢) سهيلُ بنُ عَمرو وحويطِبُ بنُ عبدِ العزى فقالا: ننشدكَ الله والعهد إلَّا ما خرجتَ من أرضنَا، فردَّ عليهما (٣) سعدُ بنُ عبادةَ، فأسكتهُ النَّبيُّ وآذنَ بالرَّحيل»، وكأنَّه قد دخل في أثناء النَّهار، فلم يكمِّل الثَّلاث إلَّا في مثل ذلك الوقت من النَّهار الرَّابع، الذي دخلَ فيه بالتَّلفيق،


(١) في (م): «فرده»، وفي (ب): «رد».
(٢) في (ب): «جاء».
(٣) في (ص) و (د): «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>