مالًا حرامًا ولا سَفَكُوا دَمًا ولا أفسَدُوا في الأرضِ وأصابَهُم ما أصابَهُم فكيف بمن واقعَ الفواحشَ والكبائرَ؟! وجواب «بينا» قوله: (سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى) بالفاء مقصورًا، أي: أشرفَ (عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ) بفتح السين المهملة وسكون اللام (بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ) بهمزة قطع. وعند الواقديِّ: وكان الَّذِي أوفَى على سَلْع أبا بكر الصِّدِّيق، فصاحَ: قد تابَ اللهُ على كعبٍ (قَالَ) كعب: (فَخَرَرْتُ سَاجِدًا) شكرًا لله (وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ وَآذَنَ) بالمد، أي: أعلم (رَسُولُ اللهِ ﷺ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا) أيُّها الثلاثةُ بتوبةِ الله علينا (وَذَهَبَ قِبَلَ) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: جهة (صَاحِبَيَّ) مرارةَ وهلالٍ (مُبَشِّرُونَ) يبشِّرونهما (وَرَكَضَ إِلَيَّ) بتشديد الياء، أي: استحثَّ (رَجُلٌ فَرَسًا) للعدو، وعند الواقديِّ: أنَّه الزُّبير بن العوَّام (وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ) هو حمزةُ بن عمرو الأسلميُّ. رواه الواقدي، وعند ابنِ عائذ: أنَّ اللَّذين سعيا أبو بكرٍ وعمر ﵄، لكنَّه صدَّره بقوله: زعموا (وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ) هو حمزةُ الأسلميُّ (يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ) بتشديد الياء بالتَّثنية (فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ) لي بتوبةِ الله عليَّ (وَاللهِ مَا أَمْلِكُ) من الثيابِ (غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ) وقد كان له مال غيرهما، كما صرَّح به فيما يأتي (وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ) أي: من أبي قتادة، كما عند الواقديِّ (فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا) جماعةً جماعةً (يُهَنُّونِي) ولأبي ذرٍّ «يهنونَنِي» (بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ) بكسر النون (تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ) بتشديد الياء (طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ) بضم العين، أحدُ العشرة المبشَّرة بالجنَّة (يُهَرْوِلُ) أي: يسيرُ بين المشي والعدو (حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ) وكانا أخوين آخَى النَّبيُّ ﷺ بينهما، كذا قاله البَرْماويُّ كغيره، وتعقِّب: بأنَّ الذي ذكره أهلُ المغازي: أنَّه كانَ أخَا الزُّبيرِ، لكن كان الزُّبير أخًا في أخوةِ المهاجرينَ، فهو أخو أخيهِ (وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ) أي: هذه الخصلة؛ وهي بشارتُهُ إيَّايَ بالتَّوبةِ؛ أي لا أزالُ أذكرُ إحسانهُ إليَّ بذلك، وكنتُ رهينَ مسرَّتهِ (قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ) أي: سِوى يومِ إسلامِهِ، وهو مستثنى تقديرًا وإن لم ينطقْ به، أو أنَّ يوم توبتِهِ مكمِّلٌ ليومِ إسلامِهِ، فيومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute