للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غيره: ﴿الْمَثُلَاتُ﴾» (وَاحِدُهَا: مَثُلَةٌ) بفتح الميم وضمِّ المثلَّثة؛ كسَمُرَةٍ وسَمُرَات (وَهْيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ) قاله (١) أبو عبيدة، وعند الطَّبريِّ من طريق معمرٍ عن قتادة قال: ﴿الْمَثُلَاتُ﴾: العقوبات، وقال ابن عبَّاسٍ: العقوبات المستأصِلات (٢)؛ كَمُثْلَة قطع (٣) الأذن والأنف ونحوهما، وسُمِّيت بذلك لِمَا بين العقاب والمعاقب (٤) من المماثلة؛ كقوله: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] (وَقَالَ) تعالى: (﴿إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ﴾ [يونس: ١٠٢]).

وقوله تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ﴾ (﴿بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]) أي: (بِقَدَرٍ) لا يجاوزه ولا ينقص عنه، والعِنديَّةُ يحتمل أن يكون المراد بها أنَّه تعالى خصَّص كلَّ حادثٍ بوقتٍ معيَّنٍ وحالةٍ (٥) معيَّنةٍ بمشيئته الأزليَّة وإرادته السَّرمديَّة، وعند حكماء الإسلام: أنَّه تعالى وضع أشياء كليَّةً وأودع فيها قوًى وخواصَّ، وحرَّكها بحيث لزم (٦) من حركاتها المقدَّرة بالمقادير المخصوصة أحوالٌ جزئيَّةٌ متعيِّنةٌ، ومناسباتٌ مخصوصةٌ متقدِّرةٌ (٧)، ويدخل في هذه الآية أفعالُ العباد وأحوالهم وخواطرهم؛ وهي من أدلِّ الدَّلائل على بطلان قول المعتزلة.

وقوله: ﴿لَهُ﴾ (﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: ١١]) ولأبي ذَرٍّ: «يُقال: ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾» أي: (مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ) يحفظونه في نومه ويقظته من الجنِّ والإنس والهوامِّ، من بين يديه ومن خلفه ليلًا ونهارًا (تُعَقِّبُ) في حفظه (الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى) فإذا صعدت ملائكة النَّهار عقَّبتها ملائكة اللَّيل، وبالعكس.

وأخرج الطَّبريُّ من طريق كنانة العدويِّ: أنَّ عثمان سأل النَّبيَّ عن عدد الملائكة


(١) في غير (د): «قال».
(٢) في (د): «المتأصِّلات».
(٣) في (د): «فمُثْلة بقطع».
(٤) في (د) و (م): «العاقب»، وهو تحريفٌ.
(٥) في غير (د) و (م): «حالٍ».
(٦) في غير (د) و (م): «يلزم».
(٧) في (م): «مقدَّرةٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>