للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إرادتها مع الكنايةِ، وأقول هذا صحيحٌ ولا يحصل به شفاء لأنَّ الكناية إن أريد بها معناها كانت حقيقةً، وإن أريدَ بها المكنَّى عنه كانت مجازًا، وأيضًا فإنَّ هذا إنَّما يجيءُ عند من لا يجوِّز الجمعَ بين الحقيقةِ والمجاز أمَّا من يجوِّزه فلا يمنع إرادة الحقيقةِ مع إرادةِ (١) المجاز. والجواب: أنَّ الكناية مثل قولنا (٢): كثير الرَّماد. له ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يراد حقيقتهُ فقط من غير أن يقصدَ معنى الكرم، فهذا حقيقةٌ، لا كناية ولا مجاز بأن يريد الإخبار عن رجلٍ عنده رمادٌ كثيرٌ حاصل عنده، وإن كان بخيلًا.

الثَّاني: أن يقصدَ بقوله: كثير الرَّمادِ، استعماله في معنى كريمٍ، ونقله إليه على وجه الاستعارةِ لما بينهما من العلاقةِ، وهذا مجازٌ لأنَّه استعمال اللَّفظ في غير (٣) موضوعهِ.

الثَّالث: أن يقصدَ استعماله في معناه الحقيقيِّ ليفيد معنى الكرمِ؛ للزومهِ له غالبًا، وهذا هو الكنايةُ، فالمعنى الحقيقي مرادٌ، والمعنى المجازي مرادٌ بالدَّلالة عليه بالمعنى الحقيقيِّ، فعلى هذا ينبغي حمل قولهم: إنَّه تجتمع (٤) الكنايةُ مع الحقيقة بخلاف المجازِ، ولا فرقَ بين أن يقول: يجوز الجمعُ بين الحقيقةِ والمجاز أو لا؛ لأنَّ معنى الجمع بين الحقيقةِ والمجاز (٥) أنْ يريدهما بكلمةٍ واحدةٍ يستعملها فيهما، والكناية لم يستعملها فيهما، وإنَّما (٦) استعملها في أحدهما للدَّلالة على الآخرِ، والتَّعريض قريبٌ من الكنايةِ، يشتركان في إرادةِ الحقيقةِ، وفي قصدِ إفادة معنى آخر، ويفترقان في أنَّ المفاد بالكناية على جهة اللُّزوم غالبًا والدَّلالة عليه قويَّة، وفي التَّعريض بخلافهِ، والله أعلم. انتهى.

(قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ) من مجلس القومِ، فإذا (٧) اشتورُوا على (٨) أمرٍ اعتمدوا على رأيهِ


(١) في (د): «عدم إرادة».
(٢) في (ب) و (ص): «قولها».
(٣) في (م): «بغير».
(٤) في (ص): «مجتمع».
(٥) قوله: «أو لا لأن معنى الجمع بين الحقيقة والمجاز»: ليست في (ص).
(٦) في (م) و (د): «إن».
(٧) في (م): «فإن».
(٨) في (م) و (د): «في».

<<  <  ج: ص:  >  >>