للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وامتثلوا أمره لشرفهِ في قومهِ، أو وَصَفتْه بقرب البيتِ لطالبِ القرى القريب، وبالجملة فقد وصفته بالسِّيادةِ والكرمِ، وحسن الخلقِ، وطيبِ المعاشرةِ، والنَّادي بالياء على الأصل، لكن المشهور في الرواية حذفها، وبه يتم السَّجع، وفي قولها من البديعِ: المناسبةُ والاستعارةُ والإردافُ والتَّتبُّع وحسنُ التَّسجيع، فناسبت ألفاظها، وقابلَتْ كلماتها بقولها: رفيع العمادِ، طويل النِّجادِ، فكلُّ لفظةٍ على وزن صاحبتِها، وفيه: الإرداف والتَّتبع في طويل النِّجاد، فطول النِّجاد من توابع الطُّول ولوازمه، وعظيم الرَّماد من توابع الكرمِ وروادفه، وكذلك قريبُ البيت من النَّاد، من التَّتبُّع البديع أيضًا؛ إذ العادةُ أنَّه لا ينزل قرب النَّادي إلا المنتصب للضِّيفان، فكان ردفًا لكرمهِ وجودهِ. وقولها: طويل النِّجادِ، أبلغُ وأكمل من قولها: طويل، فلمَّا عبَّرت عنه بما هو من توابعه بقولها: طويل النِّجاد أبلغت في طوله، وكأنَّها أظهرت طولَه للسَّامع صورةً ليراها، مع ما في هذه الصِّيغة من طلاوة اللَّفظ مع الإيجاز؛ إذ لو أرادت تحقيقَ طوله المحمود لطالَ كلامها، وتحت هذه الألفاظ الوجيزة جملٌ كثيرةٌ، أعربتْ هذه الكنايات اللَّطيفةُ عنها، وأين هي في البلاغةِ (١) من قولها لو قالت: زوجي كريمٌ، كثيرُ الضَّيفانِ، أو أكرمُ النَّاس؟ فإن واحدًا من هذه الأوصاف -على كثرة ألفاظها ومبالغةِ أوصافها- لا ينتهي مُنتهى واحد من قولها: عظيم الرَّماد. قال القاضي عياض: إذا لمحتَ كلام هذه وتأمَّلتهُ، ألفيتَها لأفانينِ البلاغةِ جامعة، وبعلم البيان وبعضِ الإيجاز والقصدِ قارعة. انتهى. (قَالَتِ) المرأة (العَاشِرَةُ) واسمها كبشةُ -كاسم الخامسة (٢) - بنت الأرقم -بالراء والقاف- تمدحُ زوجها: (زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟!) استفهاميَّة للتَّعجُّب والتَّعظيم، أي: أيُّ شيءٍ هو مالكٌ؟! ما أعظمهُ وأكرمهُ! (مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ) بكسر الكاف (٣)، زيادة في الإعظام وترفيع المكانة، وتفسير لبعض الإبهام، وإنَّه خيرٌ ممَّا أشير إليه من ثناءٍ وطيب ذكرٍ (لَهُ) أي: لزوجي (إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ) بفتح الميم، جمع مَبْرَك، وهو موضعُ البُروك، أي: كثيرة، ومباركها (٤) كذلك، أو كثيرًا


(١) في (ص): «التلاؤم».
(٢) في (ص): «كالخامسة».
(٣) «بكسر الكاف»: ليس في (د).
(٤) في (ص) زيادة: «كثيرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>