للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لقوله: ﴿مِن نِّسَائِهِم﴾ وليست الأمَة من النِّساء، ولقول ابن عبَّاسٍ: إنَّ الظِّهار كان طلاقًا ثمَّ أحلَّ بالكفَّارة، فكما لا حظَّ للأمَة في الطَّلاق لا حظَّ لها في الظِّهار.

واعلم أنَّه يحرُم بالظِّهار قبل التَّكفير الوطء والاستمتاعُ بما بين السُّرَّة والرُّكبة فقط كالحيض لأنَّ الظِّهار معنى لا يخلُّ بالملك، ولأنَّه تعالى أوجب التَّكفير في الآية قبل التَّماس، حيث قال في الإعتاق والصَّوم: ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣] ويقدَّر مثله في الإطعام حملًا للمطلق على المقيَّد، وروى أبو داود وغيره من حديث … (١) أنَّه قال لرجلٍ ظاهرَ من امرأته وواقعها: «لَا تقرَبْهَا حتَّى تُكفِّرَ» وتجب الكفَّارة بالعودِ، وهو أن يمسكَها زمانًا يُمْكِنُه مفارقتها فيه فلم يفعلْ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] لأنَّ دخول الفاء في خبر المبتدأ الموصول دليلٌ على الشَّرطيَّة، كقوله: الَّذي يأتيني فله درهمٌ (٢).

ومقصودُ الظِّهار وصف المرأة بالتَّحريم وإمساكها يخالفُه، وهل وجبتِ الكفَّارة بالظِّهار والعود، أو بالظِّهار والعود شرطٌ، أو بالعودِ؟ لأنَّه الجزءُ الأخير. أوجهٌ ذكرها في «الرَّوضة» من غير ترجيحٍ، والأوَّل هو ظاهرُ الآية الموافق لترجيحهم أنَّ كفَّارة اليمين تجب باليمين والحنث جميعًا، ولأنَّ الظِّهار -كما قاله الشَّيخ كمال الدِّين- كبيرةٌ فلا يصلحُ سببًا للكفَّارة لأنَّها عبادةٌ، أو المغلب فيها معنى العبادة، ولا يكون المحظورُ سببًا للعبادةِ، فتعلَّق (٣) وجوبها بهما ليخفَّ معنى الحرمة باعتبار العَود الَّذي (٤) هو إمساكٌ بمعروفٌ، فيكون دائرًا بين الحظرِ والإباحةِ، فيصبح (٥) سببًا للكفَّارة الدَّائرة بين العبادة والعقوبةِ.


(١) بياض في النُّسخ.
(٢) في (د): «فله عليَّ».
(٣) في (ب): «فعلق».
(٤) في (د): «أي: الذي».
(٥) في غير (د): «فيصلح» والمثبت موافق لما في «فتح القدير».

<<  <  ج: ص:  >  >>