للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ إنَّ اللَّام في قوله تعالى: ﴿لِمَا قَالُوا﴾ متعلِّقةٌ بيعودون قاله (١) مكِّيٌّ، وزاد: وما والفعل مصدرٌ -أي: لقولهم- والمصدر في موضع المفعول به، نحو: هذا درهمٌ ضرب الأمير، أي: مضروبه، على أنَّ ذلك يجوزُ وإن كانت غير مصدريَّةٍ، بل لكونها بمعنى الَّذي أو نكرةٌ موصوفةٌ، بل جعلها (٢) غير مصدريَّةٍ أولى لأنَّ المصدر المؤوَّل فرعُ المصدر الصَّريح، ووضع المصدرِ مَوضع اسم المفعول خلاف الأصل، فيلزم الخروجُ عن (٣) الأصلِ بشيئين بالمصدرِ المؤوَّل ثمَّ وقوعه موقعَ اسم المفعول، والمحفوظُ إنَّما هو وضع المصدر الصَّريح موضع المفعول لا المصدر المؤوَّل، وقيل: اللَّام تتعلَّق بـ ﴿فَتَحْرِيرُ﴾ وفي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ، والتَّقدير: والَّذين يُظاهرون من نسائهم فعليهم تحريرُ رقبةٍ لما نطقوا به من الظِّهار، ثمَّ يعودون للوطءِ بعد ذلك، والعود الصَّيرورة ابتداءً أو بناءً، فمن الأوَّل قوله تعالى: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: ٣٩] ومن الثَّاني: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾ [الإسراء: ٨] ويعدَّى (٤) بنفسه، كقوله: عدْتُه إذا أتيته وصِرت إليه، أو بحرف الجرِّ بإلى وعلى وفي، واللَّام كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨] ومنه: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] أي: لنقض ما قالوا، أو لتداركهِ على حذفِ المضاف، وعن ثعلب (٥): يعودون لتحليل ما حَرَّموا على حذفِ المضاف أيضًا، غير أنَّه أرادَ بما قالوا ما حرَّموه على أنفسِهِم بلفظ الظِّهار تنزيلًا للقولِ منزلةَ المقول فيه، كقوله: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ [مريم: ٨٠] أراد المقولَ فيه وهو المالُ والولد، وقال بعضُهم: العَودُ للقول عودٌ بالتَّدارك لا بالتِّكرار، وتدارُكُه نقضُه بنقيضِه الَّذي هو العزمُ على الوطءِ، ومَن حملهُ على الوطءِ قال: لأنَّه المقصودُ بالمنعِ، ويحملُ قوله: ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾ أي: مرَّةً ثانيةً. ورأى أكثرُ العلماء قوله: ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾ منعًا من الوطءِ قبل التَّكفير حتَّى كأنَّه قال: لا تماسَّ حتَّى تُكفِّر.


(١) في (د): «وقال».
(٢) في (م): «جعلتها».
(٣) في (د): «على».
(٤) في (د): «ويتعدى».
(٥) في (د): «ثعلبة».

<<  <  ج: ص:  >  >>