للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ انْطلق الْعقَاب والهدهد حَتَّى أَتَيَا سُلَيْمَان - وَكَانَ قَاعِدا عل كرسيه - فَقَالَ الْعقَاب قد أَتَيْتُك بِهِ يَا نَبِي الله فَلَمَّا قرب الهدهد مِنْهُ رفع رَأسه أرْخى ذَنبه وجناحيه يجرهما عل الأَرْض تواضعاً لِسُلَيْمَان فَلَمَّا دنا مِنْهُ أَخذ بِرَأْسِهِ فمده إِلَيْهِ فَقَالَ أَيْن كنت؟ لأعذنك عذَابا شَدِيدا فَقَالَ لَهُ الهدهد يَا نَبِي الله اذكر وقوفك بَين يَدي الله عز وَجل فَلَمَّا سمع سُلَيْمَان ذَلِك ارتعد وَعَفا عَنهُ ثمَّ سَأَلَهُ مَا الَّذِي أبطأك عني؟ فَقَالَ الهدهد مَا أخبر بِهِ الله تَعَالَى فِي قَوْله (فَمَكثَ غير بعيد - أَي غير طَوِيل - فَقَالَ أحطت بِمَا لم تحط بِهِ) والإحاطة الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع جهاته يَقُول علمت مَا لم تعلمه وَبَلغت مَا لم تبلغه أَنْت وَلَا جنودك (وجئتك من سبأ بِنَبَأٍ يَقِين) فَقَالَ سُلَيْمَان وَمَا ذَاك؟ قَالَ إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم اسْمهَا بلقيس بنت شرَاحِيل من نسل يعرب بن قحطان وَكَانَ أَبوهَا ملكا عَظِيم الشَّأْن وَقد ولد لَهُ أَرْبَعُونَ ملكا وَهِي آخِرهم وَكَانَ يملك أَرض الْيمن كلهَا وَكَانَ يَقُول الْمُلُوك الْأَطْرَاف لَيْسَ أحد مِنْكُم كُفؤًا لي وَأبي أَن يتَزَوَّج مِنْهُم فَزَوجُوهُ امْرَأَة من الْجِنّ يُقَال لَهَا ريحانه بنت اليسكن فَولدت لَهُ بلقيس وَلم يكن لَهُ ولد غَيرهَا وَجَاء فِي الحَدِيث إِن أحد أَبَوي بلقيس كَانَ جنياً فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بلقيس طمعت فِي الْملك فطلبت من قَومهَا أَن يبايعوها فأطاعها قوم وعصاها آخَرُونَ فملكوا عَلَيْهِم رجلا فافترقوا فرْقَتَيْن كل فرقة استولت على طرف من أَرض الْيمن ثمَّ إِن الرجل الَّذِي ملكوه أَسَاءَ السِّيرَة فِي أهل مَمْلَكَته حَتَّى كَانَ يمد يَده إِلَى حَرِيم رَعيته فيفجر بِهن فَأَرَادَ قومه خلعه فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَتْ بلقيس ذَلِك أدْركهَا الْغيرَة فَأرْسلت إِلَيْهِ تعرض نَفسهَا عَلَيْهِ فأجابها الْملك وَقَالَ مَا مَنَعَنِي أَن ابتدئك بِالْخطْبَةِ إِلَّا الأياس مِنْك فَقَالَت لَا أَرغب عَنْك كفؤ كريم فاجمع رجال قومِي وأخطبني إِلَيْهِم فَجَمعهُمْ وخطبها إِلَيْهِم فَقَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>