فحملت بعيسى ﵇ وكانت قد حملت خالتها ايساع بيحيى وولد يحي قبل عيسى بستة أشهر ثم ولدت مريم عيسى.
فلما علمت اليهود أن مريم ولدت من غير بعل اتهموا زكريا بها وطلبوه فهرب واختفى في شجرة عظيمة فقطعوا الشجرة وقطعوا زكريا معها وكان عمر زكريا حينئذ نحو مائة سنة وكان قتله بعد ولادة المسيح وكانت ولادة المسيح لمضي ثلاثمائة وثلاث سنين للإسكندر ويأتي تحرير تاريخ مولده قريباً فيكون مقتل زكريا بعد ذلك بيسير.
وأما يحي ابنه فإنه نبئ وهو صغير ودعا الناس إلى عباد الله تعالى ولبس الشعر واجتهد في العبادة حتى نحل جسمه.
وكان عيس ابن مريم قد حرم نكاح بنت الأخ وكان لهردوس - وهو الحاكم على بني إسرائيل - بنت أخ وأراد أن يتزوجها كما هو جائز في ملة اليهود فنهاه يحيى عن ذلك فطلبت أم البنت من هردوس أن يقتل يحيى فلم يجبها إلى ذلك فعاودته وسألته البنت أيضاً وألحت عليه فأجابهما إلى ذلك وأمر بيحيى فذبح ووضع رأسه بين يدي هردوس.
فكان الرأس يتكلم ويقول لا تحل لك.
واستمر غليان دمه فأمر بتراب فألقي عليه فما ازداد إلا انبعاثاً فبعث الله عليهم ملكاً من جهة المشرق يقال خردوس فقتل منهم على دم يحيى سبعين ألفاً إلى أن سكن دمه.
وزعم قوم أن بخت نصر هو الذي غزاهم وقتلهم على دم يحي، وليس بصحيح لأن بخت نصر خرب بيت المقدس من قبل ولادة يحيى بنحو خمسمائة سنة وكتان قتل يحي قبل رفع المسيح بمدة يسيرة لأن عيسى ﵇ إنما ابتدأ بالدعوة لما صار له ثلاثون سنة ولما أمره الله تعالى أن يدعو الناس إلى دين النصارى غمسه يحي في نهر الأردن ولعيسى نحو ثلاثين سنة فخرج من نهر الأردن