وأرسل الله جبريل فنفخ في جيب مريم فحملت بعيسى وولدته في بيت لحم وهي قري قريبة من بيت المقدس سنة أربع وثمانمائة لغلبة الإسكندر وبين مولد سيدنا عيس ﵇ والهجرة الشريفة النبوية المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ستمائة وإحدى وثلاثون سنة وقد مض من الهجرة الشريفة إلى عصرنا هذا تسعمائة سنة فيكون الماضي من مولد المسيح إلى خر سنة تسعمائة من الهجرة الشريفة ألفاً وخمسمائة وإحدى وثلاثين سنة.
ولما جاءت مريم بعيسى تحمله قال لها قومها (لقد جئت شيئاً فريا) وأخذوا الحجارة ليرجموها فتكلم عيسى وهو في المهد معلقاً في منكبها (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة) فلما سمعوا كلام ابنها تركوها.
ثم إن مريم أخذت عيس وسارت به إلى مصر وسار معها البن عمها يوسف ابن يعقوب ابن ماثان النجار وكان حكيماً ويزعم بعضهم إن يوسف المذكور قد تزوج بمريم لكنه لم يقربها وهو أول من أنكر حملها ثم علم وتحقق براءتها وسار معها إلى مصر وأقاما هناك اثني عشر سنة.
ثم عاد عيس وأمه إلى الشام ونزلا الناصرة وبها سميت النصارى وأقام بها عيسى حتى بلغ ثلاثين سنة.
فأوحى الله إليه وأرسله للناس وسار إلى الأردن وهو نهر الغور المسمى بالشريعة فاعتمد وابتدأ بالدعوة - وكان يحي بن زكريا هو الذي عمده كما تقدم - وكان ذلك لستة أيام مضت من كانون الثاني لمضي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر.
وأظهر عيسى ﵇ المعجزات وأحيا ميتاً يقال له عازر بعد ثلاثة أيام من موته وجعل من الطين طائراً قيل هو الخفاش وأبرأ الأكمه والأبرص وكان يمشي على الماء ﷺ.