عن خيولهم فناداهم عمر ﵁ لا تفعلوا ورجع الآخرون الذين مضوا فساروا معنا.
وأقبل المسلمون يصفون الخيل ويشرعون الرماح في طريق عمر حتى طلع أبو عبيد في عظيم الناس فإذا هو على قلوص أكفها بعباءة خطامها من شعر لابس سلاحه متنكب قوسه فلما نظر إلى أمير المؤمنين أناخ قوصه وأناخ أمير المؤمنين بعيره فنزل أبو عبيد وأقبل إلى عمر واقبل إلى أبي عبيدة.
فلما دنا عمر من أبي عبيد مد أبو عبيد يده إلى عمر ليصافحه فمد عمر يده فأخذها أبو عبيد وأهو ليقبلها يريد أن يعظمه في العام فأهو عمر إلى رجل أبي عبيدة ليقبلها فقال أبو عبيدة مه يا أمير المؤمنين تنحى فقال عمر مه يا أبا عبيدة فتعانق الشيخان ثم ركبا يتسامران وسارا وسار الناس أمامهما.
وحكي إنهم تلقوا عمر بيرذون وثياب بيض وكلموه أن يركب البرذون ليراه العدو فهو أهيب له عندهم وأن يلبس الثياب البيض ويطرح الفروة عنه فأبى ثم لجوا عليه فركب البرذون بفروته وثيابه فهملج به البرذون وخطام ناقته بيده بعد فنزل وركب راحلته وقال لقد غيرني هذا حتى خفت أن أتكبر وأنكر نفسي فعليكم يا معشر المسلمين فالقصد وإنما أعزكم الله ﷿ به.
وروي عن طارق بن شهاب قال لما قدم عمر الشام عرضت له مخاض فنزل عن بعيره ونزع جرموقيه فأمسكها بيده وخاض الماء ومعه بعيره فقال أبو عبيدة لقد صنعت اليوم صنعاً عظيماً عند أهل الأرض فصكه عمر في صدره وقال له لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة أنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام ومهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله تعالى.
وروي إنه لما قدم عمر من المدين ناهضوهم القتال بعد قدومه فظهر المسلمون على أماكن لم يكونوا ظهوراً عليها قبل ذلك وظهروا يومئذ على كرم كان