وكان مروان بن الحكم بالمدين فقصد المسير إلى عبد الله بن الزبير ومبايعته ثم توجه من بني أمية إلى الشام.
وبايع أهل البصرة ابن الزبير واجتمع له الحجاز والعراق واليمن وبعث إلى مصر فبايعه أهلها وبايع له في الشام نمر الضحاك بن قيس وبايع له بحمص النعمان بن بشر الأنصاري وبايع له بقلسرين بشر بن دفر بن الحارث الكلابي وكاد يتم له الأمر بالكلية.
وشرع ابن الزبير في بناء الكعبة شرفها الله تعالى وكان ذلك في سنة أربع وستين من الهجرة الشريفة وكانت حيطانها قد مالت من ضرب المنجنيق فهدمها وحفر أساسها وشهد عنده سبعون من شيوخ قريش وذلك أن قريشاً حين بنوا الكعبة عجزت نفقتهم فنقصوا من سعة بنا ء البيت سبعة أذرع من أساس إبراهيم الخليل ﵊ الذي أسسه هو وإسماعيل ﵇ فبناه عبد الله بن الزبير وزاد فيه السبعة أذرع وأدخل الحجر في الكعبة وأعادها على ما كانت عليه أولاً وجعل لها بابين باب يدخل منه وباب يخرج منه.
فلم يزل البيت على ذلك حتى قتل الحجاج ابن الزبير - كما سنذكره إن شاء الله تعالى -.
فلما مات معاوية بن يزيد بن معاوية بالشام بويع بالخلافة لمروان بن الحكم ولقب بالمؤتمن بالله وافترق الناس فرقتين فرقة تهوي بني أمية وفرقة تهوي ابن الزبير ووقع بينهم خلاف وجرى بينهم وقائع وحروب.
ثم استقر أمر الشام لمروان ودخلت مصر تحت طاعته ثم أمر الناس بالبيعة لولده عبد الملك ومن بعده لأخيه عبد العزيز فما كان بأسرع من أن انقضت مدة مروان فمات بالطاعون بدمشق فجأة لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين من الهجرة وكانت مدة ولايته تسعة أشهر وثمانية عشر يوماً وعمره ثلاث وستون سنة.