فلما مات بويع لولده عبد الملك بالخلافة في ثالث شهر رمضان سنة خمس وستين ولقب بالموفق لأمر الله وهو أول من سمي عبد الملك في الإسلام وأول من ضرب الدراهم والدنانير في الإسلام وكان النقش على الجانب الواحد الله أحد وعل الآخر الله الصمد وكانت الدراهم قبل ذلك رومية وكسروية ولما ولي الخلافة وعد الناس - يوم بويع - بخير ودعاهم إلى إحياء الكتاب والسنة وإقامة العدل.
فلما دخلت سنة ست وستين ابتدأ ببناء قبة الصخرة الشريفة وعمارة المسجد الأقصى الشريف وذلك لأنه منع الناس عن الحج لئلا يميلوا مع ابن الزبير فضجوا فقصد أن يشغل الناس بعمارة هذا المسجد عن الحج فكان ابن الزبير يشنع على عبد الملك بذلك.
وكان من خبر البناء أن عبد الملك بن مروان حين حضر إلى بيت المقدس وأمر ببناء القبة على الصخرة الشريفة بعث الكتب في جميع عمله والي سائر الأمصار إن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة على صخرة بيت المقدس تقي المسلمين من الحر والبرد وأن يبني المسجد وكره أن يفعل ذلك دون رأي رعيته فلتكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه.
فوردت الكتب عليه من سائر عمال الأمصار نر رأي أمير المؤمنين موافقاً رشيداً إن شاء الله يتم له نوى من بناء بيته وصخرته ومسجده ويجري ذلك على يديه ويجعله تذكرة له لمن مضى من سلفه.
فجمع الصناع لعمله وأرصد للعمارة مالاً كثيراً يقال إنه خراج مصر سبع سنين ووضعه بالقبة الكائنة أمام الصخرة من جهة الشرق بعد أن أمر ببنائها وهي من جهة الزيتون وجعلها حاصلاً وشحنها بالأموال ووكل على صرف المال في عمارة المسجد والقبة وما يحتاج إليه أبا المقدام رجاء بن حياة بن جود الكندي وكان من العلماء الأعلام ومن جلساء عمر بن عبد العزيز ﵁ وضم