بني العباس وهو الذي بنى مدينة بغداد وكان الابتداء في بنائها في سنة خمس وأربعين ومائة وتوفي يوم السبت لست ليال خلت من ذي الحج سنة ثمان وخمسين ومائة وله خمس وستون سنة ودفن بمكة.
ثم كانت الرجفة الثانية فوقع البناء الذي كان أمر به أبو جعفر ثم قدم المهدي من بعده وهو خراب فرفع ذلك إليه فأمر ببنائه وقال ارث هذا المسجد وطال وخلا من الرجال أنقصوا ممن طوله وزيدوا في عرضه فتم البناء في خلافته وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور الملقب بالمهدي بويع بالخلافة لست خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة بين الركن والمقام.
ولما قدم المهدي يريد بيت المقدس دخل مسجد دمشق ومعه أبو عبد الله الأشعري كاتبه فقال له يا أبا عبد الله سبقنا بنو أمية بثلاث فقال وما هي يا أمير المؤمنين؟ فقال بهذا البيت - يعني المسجد - لا أعلم على ظهر الأرض مثله ونيل الموالي فإن لهم موالي ليس لنا مثلهم ويعمر بن عبد العزيز لا يكون فينا والله مثله أبداً ثم أتى بيت المقدس ودخل الصخرة فقال يا أبا عبد الله وهذه رابعة.
وتوفي المهدي في يوم الخميس لثمان بقين من المحرم سنة تسع وتسعين ومائة وله ثمان وأربعون سنة.
قال الحافظ ابن عساكر طول المسجد الأقصى سبعمائة ذراع وخمسة وخمسون ذراعاً بذراع الملك وعرضه أربعمائة ذراع وخمسة وستون ذراعا بذراع الملك وكذا قال أبو المعالي المشرف.
قال صاحب (مثير الغرام) أتيت إلى زيارة القدس والشام ولكن رأيت قديماً بالحائط الشمالي التي فوق الباب مما يلي باب الدويدارية من داخل السور بلاطة فيها طول المسجد وعرضه وذلك مخالف لما ذكرناه فالذي فيها أن طوله سبعمائة ذراع وأربع وثمانون ذراعاً وعرضه أربعمائة ذراع وخمسة وخمسون ذراعاً