غضب من أن تعبدوا معه هؤلاء الصغار وهو أكبر منهم فكسرهم وأراد إبراهيم ﵇ بذلك إقامة الحجة عليهم فذلك قوله تعالى (فاسألوهم إن كانوا ينطقون) حتى يخبروا من فعل بهم ذلك.
روى أبو هريرة ﵁ ان رسول الله ﷺ قال لم يكذب إبراهيم ﷺ إلا ثلاث كاذبات ثنتان منهن في ذات الله ﷿ قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة هذه أختي وليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله وإنما إطلاق الكذب علي هذا تجوز ويجوز أن يكون الله تعالى قد أذن له في ذلك لقصد الصلاح وتوبخهم والاحتجاج عليم كما إذن ليوسف ﵇ حيث أمر مناديه فقال لأخوته (أيتها العير إنكم لسارقون) ولم يكونوا سرقوا فرجعوا إلى أنفسهم أي تفكروا بقلوبهم ورجعوا إلى عقولهم فقالوا ما نراه إلا كما قال إنكم أنتم الظالمون يعني بعبادتكم من لا يتكلم ثم نكسوا على رؤسهم أي ردوا إلى الكفر بعد أن أقروا على أنفسهم بالظلم (وقالوا لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) فكيف نسألهم؟.
فلما اتجهت الحجة عليهم لإبراهيم ﵇ قال (أفتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا) إن عبد تموه ولا يضركم أن تركتم عبادته (أف لكم أي نتناً لكم وقذرا لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) فلما لزمتهم الحجة وعجزوا عن الجواب (قالوا احرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين) أي إن كنتم ناصرين لها.
فلما جمع نمروذ قومه لإحراق إبراهيم حبسوه في بيت وبنوا بنيانا كالحضيرة قيل طوله في السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملؤه من الحطب وأوقدوا فيه النار ليطرحوه فيه فلم يطيقوا لشدة حر النار ان يقربوها ولا علموا كيف يلقوه فيها فجاء إبليس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه ثم عمدوا إلى إبراهيم الخليل ﵊ فرفعوه على رأس البنيان وقيدوه ثم وضعوه في المنجنيق