مقيداً مغلولا والقوة في النار فكانت عليه بردا وسلاما.
ولما أرادوا إلقاءه في النار أتاه خازن المياه وقال يا إبراهيم أن أردت أن أخمد لك النار أخمدتها فقال لا ثم أتاه خازن الرياح وقال له إن شئت طيرت لك النار في الهواء فقال إبراهيم ﵇ لا حاجة لي بكم حسبي الله ونعم الوكيل.
ولما القي في النار كان ابن ستة عشر سنة وقد مدحه الله في كتابه العزيز بقوله تعالى (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) والكلمات التي ابتلاه الله بها من أجل شرائع الإسلام وأعز ما امتحن به أهل الإيمان ولذلك مدحه الله تعالى بقوله (وإبراهيم الذي وفى) ومعنى النوفية هو الإتمام لما طلب به في دينه وماله ونفسه وولده فأتم الجميع على الوجه المطلوب ولما صنع له نمروذ المنجنيق وألقاه في النار ظهر تحقيق الابتلاء وصدق الولاء وذلك أنه لما نزل به من عدوه ما نزل ووضع في المنجنيق استغاثت الملائكة قائلة يا رب هذا خليلك قد نزل به من عدوك ما أنت اعلم به فقال الله تعالى لجبريل اذهب إليه فان استغاث بك فأغثه وإلا فاتركني وخليلي فتعرض له جبريل وهو يقذف به في لجة الهواء إلى النار وقال له هل لك من حاجة فقال أما إليك فلا وأما إلى الله فبلي قال جبريل فسل ربك فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي.
ولم يستعن بغير الله ولا جنحت همته لما سوى الله تعالى بل استسلم لحكمه مكتفياً بتدبيره عن تدبير نفسه فأثنى الله تعالى عليه بقوله (وإبراهيم الذي وفى) فقال الله تعالى للنار كوني بردا وسلاماً على إبراهيم ونجاه من النار.
قال كعب الأحبار ﵁ فجعل كل شي يطفئ عنه النار إلا الوزغ فإنه كان ينفخ في النار قال الثعلبي رضي الله فلذلك أمر النبي ﷺ بقتلها وسماها فويسقة.