للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلبثت في منخره أربعمائة سنة عذب الله تعالى فكان رأسه بالمرازب في تلك المدة كلها حتى أهلكه الله تعالى بها وسلط الله على مدينة كوثا الزلازل حتى خربت.

قال الثعلبي لما حاجة إبراهيم في قال نمروذ إن كان ما تقوله حقاً فلا انتهي حتى اعلم ما في السماوات فبني صرحاً عظيماَ ببابل ورام الصعود منه إلى السماء لينظر إلى إله إبراهيم .

واختلف في طول الصرح في السماء فقيل خمسة آلاف ذراع وقيل فرسخان.

ثم عمد إلى أربعة أفراخ من النسور فأطعمها اللحم والخبز حتى كبرت ثم قعد في تابوت ومعه غلام له قد حمل القوس والنشاب معه وجعل لذلك التابوت باباً من أعلاه وباباً من أسفله ثم ربط التابوت بأرجل النسور وغلق اللحم علي عصى فوق التابوت ثم خلى عن النسور فطارت النسور طمعاً في اللحم حتى أبعدت في الهواء وحالت الريح بينها وبين الطيران فقال لغلامه افتح الباب الأعلى فانظر ففتحه فإذا السماء كهيئتها وفتح الباب الأسفل فإذا الأرض سوداء مظلمة ونودي أيها الطاغي أين تريد فعند ذلك أمر غلامه فرمى سهماً فعاد السهم إليه وهو ملطخ بالدم فقال كفيت شر إله السماء.

واختلف في ذلك السهم بأي شي تلطخ فقيل سمكة في السماء من بحر معلق في الهواء وقيل أصاب طيرا من الطيور فتلطخ بدمه.

ثم أمر نمروذ غلامه إن يصوب العصي وينكس اللحم ففعل ذلك فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال خفقان هبوط التابوت والنسور ففزعت وظنت انه قد حدث في السماء حادث أو إن الساعة قد قامت فذلك قوله تعالى (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال).

ثم أرسل الله تعالى على صرح نمروذ ريحاً فألقت رأسه في البحر وانكفأت بيوتهم وأخذت نمروذ الرجفة وتبلبلت ألسن الناس حين سقط الصرح من الفزع فتكلموا بثلاث وسبعين لساناً فلذلك سميت بابل لتبلبل الألسنة بها.