ويقرؤن كتابهم ويرفعون أصواتهم حتى كان في بعض الأوقات يسمع ضجيجهم من قبة الصخرة الشريفة فينزعج المسلمون من ذلك فقدر الله تعالى حصول زلزلة وقعت في يوم الأحد خامس المحرم سنة ثلاث وستين وثمانمائة فهدمت قبة الكنيسة المذكورة فتوجه النصارى لنائب السلطنة والقاضي الحنفي بالقدس الشريف ودفعوا لهما مالا فأذن لهم القاضي الحنفي في إعادتها بالبناء القديم.
فحصل للقاضي شمس الدين العليمي الحنبلي غاية الانزعاج واشتد غضبه لذلك حضر إليه النصارى واحضروا له مالا على أن لا يعارضهم فزجرهم زجرا بليغا ثم بارد بالكتابة للملك الأشرف اينال ورتب قصة أنهى فيها ما كان يقع من النصارى بالكنيسة المذكورة وأن الله تعالى قد غار لدينه وهدمها بالزلزلة وسأل في بروز مرسوم شريف بأن ينظر في ذلك على ما يقتضيه مذهب إمامه المبجل أحمد بن حنبل فبرز له الأمر بذلك فحضر قاصده إلى القدس الشريف وقد شرع النصارى في البناء حتى كادت العمارة تنتهي كما كانت عليه أولا فاجتمع الخاص والعام ونائب السلطنة والقاضي الحنفي - الآذن في البناء - وبقية القضاة وصدرت الدعوى من الشيخ تاج الدين أبي الوفا بن أبي الوفا - المتقدم ذكره - عند ذكر القاضي شمس الدين العليمي وسأله الحكم بما يقتضيه الشرع الشريف فحكم بعدم إعادة الكنيسة المذكورة وبهدم البناء الجديد فهدم في الحال البناء الجديد وبعض القديم ولم يزل العوام يهدمون حتى نهاهم القاضي واستمرت مهدومة إلى يومنا هذا.
وقد نقلت هذه الحادثة عن الشيخ أبي الوفا - المشار إليه - من لفظه ومنها انه كان النصارى ببيت لحم أحدثوا بناء في الكنيسة وورد مرسوم شريف بالنظر في ذلك فتوجه نائب السلطنة وشيخ الصلاحية والقضاة والمشايخ والصوفية إلى بيت لحم وسئل الحاكم بما يقتضيه الشرع الشريف فحكم بهدم ما استجد من البناء ولم يخف في الله لومة لائم وكان ذلك في يوم الثلاثاء تاسع عشري صفر سنة ست وخمسين وثمانمائة ثم توجه جماعة من الفقراء والنائب وهدم البناء في يوم