للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخليل في المال والخدم فاتخذ بيتاً لضيافته وجعل له بابين يدخل الغريب أن أحدهما ويخرج من الآخر ووضع فيذلك البيت كسوة للشتاء وكسوة للصيف مائدة منصوبة عليها طعام فيأكل الضيف ويلبس أن كان عرياناً وإبراهيم يجدد كل حين مثل ذلك.

وروي إن إبراهيم الخليل لما قرب العجل إلى الضيوف ورأى أيديهم لا تصل إليه قال لم لا تأكلون؟ قالوا لا نأكل طعاماً إلا بثمنه قال ليسمعكم ثمنه؟ قالوا وأني لنا ثمنه؟ قال تسمون الله تبارك وتعال إذا أكلتم تحمدونه وإذا فرغتم قالوا سبحان الله لو كان ينبغي لله أن يتخذ خليلاً من خلقه لاتخذك يا أبا إبراهيم خليلاً فاتخذ الله تعالى إبراهيم خليلاً.

وقيل إن الملائكة لما رأت ازدياد إبراهيم في الخير وإقبال الدنيا عليه ولم يشغله له عن الله طرفه عين تعجبت من ذلك وقالت إن ظاهره حسن وإنه لا يؤثر على ربه شيئاً فهل هو في قلبه هكذا؟ فعلم الله ذلك منهم قبل تكلموا به فأمر الله ملكين من إجلاء الملائكة - وقيل إنهما جبريل وميكائل إن ينزلا عليه ويستضيفاه ويذكراه بربه ويرفعا صوتهما عنده بالتسبيح لتقديس الله تعالى فنزلا على صورة بني آدم فسألاه الأذن لهما في المبيت عنده إذن لهما وأكرم نزلهما ورفع محلهما.

فلما كان في بعض الليل - وهو يسامرهما في الكلام - إذ رفع أحدهما صوته قال سبحان ذي الملك والملكوت ثم رفع الآخر صوته وقال سبحان الملك القدوس - بصوت لم يسمع مثله - قال فأغمي على إبراهيم ولم يملك نفسه من الوجد والطرب ثم أفاق بعد ساعة وقال لهما أعيدا على ذكركما فقالا أنا لم نفعل حتى تجعل لنا شيئاً معلوماً فقال لهما خذا ما تختارا من مالي إلا له أعطنا ما شئت فقال لكما جميع مالي من الغنم - وكامن شيئاً كثيراً - ورضيا بذلك ثم رفعا صوتهما وقالا كالأولى فأغمي عليه فلما أفاق وعلم إنهما