والناس وألزمهم بأخذ الزيت وكتب إلى كاشفه بالرملة يطلب التجار بأن يرمي عليهم من الزيت جانبا فطلبوا والزموا بذلك وحصل لأهل القدس الشريف والرملة الضرر من ذلك لكونهم تقدم لهم أخذ الزيت ثم رمى عليهم مرة ثانية فانزعج الناس لذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي الكبير.
(ذكر الفتنة بين نائب القدس ونائب غزة)
وفيها وقعت فتنة بين الأمير جان بلاط ناظر الحرمين ونائب القدس والرملة وبين الأمير قاني بك نائب غزة وهي ان الأمير جان بلاط قدم إلى الرملة بسبب الزيت - المتقدم ذكره - وكان وصوله إلى الرملة في يوم الأحد سادس عشر رجب فلما كان في صبيحة يوم الثلاثاء ثامن عشر رجب أمر كاشفه بالرملة وهو الجمالي يوسف بالركوب هو وجماعته والمشي في معاملة الرملة لحفظها من المناحيس والذب عن الرعية لأنه كان قبل ذلك حضر جماعة من العرب ونهبوا ابقارا لأهل الرملة.
فلما ركب الكاشف بجنده ركب ناظر الحرمين وصحبته دواداره برسباي ومعهما أربعة أنفس وخرجوا إلى ظاهر الرملة للمسايرة فخرج على الكاشف جماعة من العرب وطردوه وطردهم ثم قوى أمرهم عليه فطردوه إلى أن حصروه بالبرج الكائن بقرية خلدا من اعمال الرملة فتحصن به فأخذوا خيوله وقتلوا جماعة ممن معه وكان الأمير جان بلاط بالقرب من قرية تل الجزر فسمع الصوت فسار بمن معه من دواداره برسباي والأربعة أنفس الذين معهم نحو الصوت فخرج عليهم العرب وتواقعوا فقتل برسباي ومن معه حتى لم يبق سوى الأمير جان بلاط بمفرده فثبت لهم وقاتلهم أشد القتال بمفرده حتى تخلص منهم ونجا فكانت عدة القتلى في ذلك اليوم عشرة أنفس منهم رجل شريف وحملوا إلى الرملة ودفنوا بها وتوجه قضاة الرملة إلى تل الجزر وعاينوا بعض القتلى بأرضها وكنت إذ ذاك بالرملة وحضرت هذه الحادثة وكانت في غاية الشناعة.