للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحكم ما العبد عليه من تطلّع الأمل القويّ، وتوقع الإنعام الكسروي، عززها بهذه المناجاة، وإن كان على ثقة أن رشاه قد ألقي في الغدير القريب، ورائده قد خيّم بالمرتع الخصيب:

لو رأينا التوكيد خطة عجز ... ما شفعنا الأذان بالتثويب

وله- أدام الله عزه- الرأي العالي فيه، إن شاء الله تعالى.

وكتب إلى صارم الدولة ابن معروف: أطال الله بقاء الحضرة الصارمية يجري القدر على حسب أهويتها، ويعقد الظفر بعزائم ألويتها، وتحلّى بذكرها ترائب الأيام العاطلة، وتنجز بكرمها عدات الحظوظ المماطلة، ما أصحب الجامح، وأضاء السماك الرامح، وعافت الماء الإبل القوامح [١] :

وما سحبت في مفرق الأرض ذيلها ... خوافق ريح للسحاب لواقح

إذا رفض الناس المديح وطلّقوا ... بنات العلا زفّت إليه المدائح

أيام الناس شهود مختلفة الأقوال، وصنوف متباينة الأحوال، فيوم تؤرخ السير بسؤدده وسنائه، وينطق بمحامد قوم ألسنة أبنائه، ويوم يخبو في موقف الجد شهابه، ويعبق بمسك المدام إهابه، فالحمد لله الذي جعل الحضرة السامية عقال الخطوب العوارم، ونظام المحاسن والمكارم، يعتدها الزمن نسيم أصائله، وزهر خمائله، وشموس مشارقه، وتيجان مفارقه، فيجب على كلّ من ضمّ اليراعة بنانه، وأطلق في ميدان البراعة عنانه، أن لا يخلي مجلسه من مدح معروضة، وخدم مفروضة، يسهب فيها الواصف، ويوجبها الإنعام المتراصف [٢] :

عسى منّة تقوى على شكر منّة ... وهيهات أعيا البحر من هو راشف

ولو كنت لا تولي يدا مستجدة ... إلى أن توفّى شكر ما هو سالف

حميت حريم المال من سطوة الندى ... وغاضت وحاشاها لديك العوارف

وكم عزمة في الشكر كانت قوية ... فأضعفها إحسانك المتضاعف


[١] م: الطوامح، وصوبته. والقوامح التي ظمئت حتى فترت.
[٢] لعل الأصوب: المترادف.

<<  <  ج: ص:  >  >>