للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دار في خلدي مقدار خردلة ... سوى جلالك فاعلم أنه مرض

وله أيضا:

هبطت إليك من المحلّ الأرفع ... ورقاء ذات تعزّز وتمنّع

محجوبة عن كلّ مقلة عارف ... وهي التي سفرت فلم تتبرقع

وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك وهي ذات تفجع

أنفت وما سكنت فلما واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع

وأظنها نسيت عهودا بالحمى ... ومنازلا بفراقها لم تقنع

حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... من ميم مركزها بذات الأجرع

علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطلول الخشع

تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى ... بمدامع تهمي ولم تتقطع [١]

وتظلّ ساجعة على الدمن التي ... درست بتكرار الرياح الأربع

إذ عاقها الشرك الكثيف وصدّها ... قفص عن الأوج الفسيح المربع

حتى إذا قرب المسير من الحمى ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع

وغدت مفارقة لكلّ مخلف ... عنها حليف الترب غير مشيّع

سجعت وقد كشف الغطاء فأدركت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجّع [٢]

وغدت تغرّد فوق ذروة شاهق ... سام على قعر الحضيض الأوضع

إن كان أرسلها الإله لحكمة ... طويت عن الفذ اللبيب الأروع

فهبوطها إن كان ضربة لازب ... لتكون سامعة بما لم تسمع

فتعود عالمة بكلّ حقيقة ... في العالمين وخرقها لم يرقع

فهي التي قطع الزمان طريقها ... حتى لقد غربت بغير المطلع

فكأنها برق تعرّض بالحمى ... ثم انطوى فكأنّه لم يلمع


[١] الوافي: ولما تقلع.
[٢] جمع هنا بيتين مما ورد في العيون.

<<  <  ج: ص:  >  >>