للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوي الموضع، وامتنع عن قبول تلك المادة، وعوفي من ذلك. ووضع في حال الرصد آلات ما سبق إليها.

وكان قويّ القوى كلها، وكانت قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب.

وكان كثيرا ما يشتغل به فأثر في مزاجه حتى صار في السنة التي حارب فيها علاء الدولة ابن فراس [١] على باب الكرخ أخذ الشيخ قولنج، ولحرصه على برئه إشفاقا من هزيمة يدفع إليها لا يتأتى له المسير فيها مع المرض حقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات حتى تفرّح بعض أمعائه، وظهر به سحج وأحوج إلى المسير مع علاء الدولة نحو إيذج فظهر به علة الصرع الذي يتبع علة القولنج، ومع ذلك كان يدير نفسه ويحقن نفسه لأجل السحج ولبقية القولنج، فأمر يوما باتخاذ دانقين [من] بزر الكرفس في جملة ما يحقن به، وخلطه بها لكسر ريح القولنج به، فقصد بعض الأطباء الذي كان يتقدم إليه يعالجه وطرح [من] بزر الكرفس خمسة دراهم إما عمدا أو خطأ، فازداد السحج بذلك [من] حدة التبرز. وكان يتناول مثرود طوس لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه، وطرح شيئا كثيرا من الأفيون فيه وناوله فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنوا هلاكه ليأمنوا عاقبة أفعالهم.

ونقل الشيخ إلى أصفهان فاشتغل بتدبير [٢] نفسه، وكان من الضعف بحيث لا يقدر على القيام، فلم يزل يعالج نفسه حتى قدر على المشي، وحضر مجلس علاء الدولة، لكنه مع ذلك لا يتحفظ، ويكثر من التخليط في أمر المجامعة، ولم يبرأ من العلة كلّ البرء، فكان ينتكس ويبرأ كلّ وقت. فلما قصد علاء الدولة سار معه إلى همذان فعاودته تلك العلة، فلما استقر بهمذان وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض فأهمل مداواة نفسه، فأخذ يقول: المدبّر الذي [كان] يدبّر [بدني] قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع الحكمة والمعالجة. وبقي على هذا أياما، ثم انتقل إلى جوار ربه.

ومن شعره:

محرّك الكلّ أنت القصد والغرض ... وغاية ما لها حدّ ولا عوض


[١] عيون: تاش فراش.
[٢] ر: يدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>