مثل ما في التراب يبلى الفتى فال ... حزن يبلى من بعده والبكاء
غير أنّ الأموات زالوا وأبقوا ... غصصا لا يسيغها الأحياء
إنما نحن بين ظفر وناب ... من خطوب أسودهنّ ضراء
نتمنّى وفي المنى قصر العم ... ر فنغدو بما نسرّ نساء
صحة المرء للسقام طريق ... وطريق الفناء هذا البقاء
بالذي نغتذي نموت ونحيا ... أقتل الداء للنفوس الدواء
ما لقينا من غدر دنيا فلا كا ... نت ولا كان أخذها والعطاء
راجع جودها عليها فمهما ... يهب الصبح يستردّ المساء
ليت شعري حلما تمرّ بنا الأي ... ام أم ليس تعقل الأشياء
من فساد يجنيه للعالم الكو ... ن فما للنفوس منه اتقاء
قبّح الله لذة لشقانا ... نالها الأمهات والآباء
نحن لولا الوجود لم نألم الفق ... د فايجادنا علينا بلاء
وقليلا ما تصحب المهجة الجس ... م ففيم الأسى وفيم العناء
ولقد أيّد الاله عقولا ... حجة العود عندها الابداء
غير دعوى قوم على الميت شيئا ... أنكرته الجلود والأعضاء
وإذا كان في العيان خلاف ... كيف في الغيب يستبين الخفاء
ما دهانا من يوم أحمد إلا ... ظلمات وما استبان ضياء
يا أخي عاد بعدك الماء سمّا ... وسموما ذاك النسيم الرّخاء
والدموع الغزار عادت من الأن ... فاس نارا تثيرها الصّعداء
وأعدّ الحياة غدرا وإن كا ... نت حياة يرضى بها الأعداء
أين تلك الخلال والحزم أين ال ... عزم أين السناء أين البهاء
كيف أودى النعيم من ذلك الظ ... لّ وشيكا وزال ذاك الغناء
أين ما كنت تنتضي من لسان ... في مقام ما للمواضي انتضاء
كيف أرجو شفاء ما بي وما بي ... دون سكناي في ثراك شفاء