للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجّب، فأخذت القلم من دواته، وكتبت بحضرته:

لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي هول ما ألقى وما أتوقّع

نحول وحرق في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع

فقال: كنت عملت هذا قبل هذا الوقت، فقلت تمنعني سرعة الخاطر، وتعطيني علم الغيب؟ ومن شعره في بلوغ الغاية من السلوّ [١] :

حبيب ملكت الصبر بعد فراقه ... على أنني علّقته وألفته

محا حسن يأسي شخصه من تفكري ... فلو أنني لاقيته ما عرفته

وله [٢] :

قطعت الأرض في شهري ربيع ... إلى مصر وعدت إلى العراق

فقال لي الحبيب وقد رآني ... سبوقا للمضمّرة العتاق

ركبت على البراق فقلت كلا ... ولكني ركبت على اشتياقي

وله [٣] :

يا صاحبيّ إذا أعياكما سقمي ... فلقّياني نسيم الريح من حلب

من الديار التي كان الصبا وطري ... فيها وكان الهوى العذريّ من أربي

حدث العطيري [٤] الشاعر قال: دخلت يوما على الوزير المغربي بالموصل، وهو جالس على ضفة نهر يخرق عرصة داره، وبين يديه جارية كأنها فلقة قمر تسقيه وتنادمه، وهو يقول [٥] :

نديمتي جارية ساقيه ... ونزهتي ساقية جاريه

فحكيت هذه الحكاية لأبي العلاء المعري، وأنشدته البيت فقال: هذا هو الطبع


[١] البيتان في الذخيرة ٤: ٥١٢ وأدب الخواص: ٧٥ وتتمة اليتيمة ١: ٢٤ (القطعة رقم: ٢١) .
[٢] وردت في دمية القصر ١: ٩٦ والذخيرة ٤: ٥٢٨ وابن خلكان ٣: ٢٢١ (منسوبة لعبد الوهاب المالكي) ، وانظر القطعة رقم: ٧٤.
[٣] دمية القصر ١: ٩٦ (القطعة رقم: ١٥) .
[٤] لعل الصواب: العطوي.
[٥] الأفضليات: ٨٠ وبديع أسامة: ٥٠ (القطعة رقم: ١١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>