للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر في الوزير، قال ذلك الرسول: أريد من إنعام الوزير يبيعني هذا الغلام.

فقال: هو لك. فأخذه من ساعته، ونفذه على خيل قد أعدّت في كل فرسخ فرس.

فلما أصبح الوزير استدعى الغلام، فقيل له: إنك قد وهبته من رسول ملك الروم.

فاستدعاه من ساعته، وطلب منه الغلام، فقال: أيها الوزير، قد قارب بلاد أبيه، بلى مهما أردت من الثمن أعطيتك. فقال الوزير: ما كنت لأذهب نخوتي ومروءتي، قد وهبته منك خالصا، ثم قال [١] :

يا من غدا جبل الرّيّان يحجبه ... ليس التصبّر عن قلبي بمحجوب

أفلتّ قلبي من صدري وأطلبه ... من بعد ما صار في الشمّ الشناخيب

فاصمت ولا ترث لي مما أكابده ... يدي لعمرك كانت أصل تعذيبي

علّمتني الحزم لكن بعد مؤلمة ... إن المصائب أثمان التجاريب

وكان في بعض الأحايين قد اعتزل خدمة السلطان، فقيل له: تركت المناصب في عنفوان شبابك. فقال:

كنت في سفرة ... البطالة والجهل ...

الأبيات وقيل: إنه زار بعض الصالحين المنقطعين، فقال: لو صحبتنا لنستفيد منك فقال: يردّني عن هذا بيت شعر [٢] :

إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن ... بمنزلة إلا رضيت بدونها

فأنا أكتفي بعيشي هذا. فقال: يا شيخ، هذا بيت مال، ليس هو بيت شعر.

قال أبو الحسن علي بن منصور الحلبي المعروف بدوخلة [٣] ، قال لي الوزير المغربي ليلة: أريد أن أجمع أوصاف الشمعة السبعة [٤] في بيت واحد، وليس يسنح لي ما أرضاه، فقلت: أنا أفعل هذه الساعة. فقال: أنت جذيلها المحكّك وعذيقها


[١] منها بيتان في لباب الآداب: ٣٢٧ (وانظر القطعة رقم: ١٤) .
[٢] استشهد والد ابن حزم بهذا البيت في نصحه لابنه، انظر جذوة المقتبس: ١١٨.
[٣] هو ابن القارح الذي جاوبه المعري برسالة الغفران؛ انظر رسالة ابن القارح (في رسالة الغفران) ٥٥- ٥٦
[٤] لم يورد إلا ستة أوصاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>