للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عنوانه صحيح، وأنه هو بشرى، وأن مرزوقا الثلّاج هو الحسين بن القاسم، وكتب ذلك بخطه، وأشهد جماعة من العدول على ما اعترف به. ووجدت رقعة لابن أبي عون هذا بخطّه إلى بعض نظرائه يخاطبه فيها كما يخاطب الإنسان ربّه تبارك وتعالى، ويقول في بعض فصولها: لك الحمد وكلّ شيء وما شئت كان ربي. وفي فصل آخر منها: ولك الحمد على تشريفك وتقريبك. فوقف عليها واعترف بها وأشهد على نفسه عدة من العدول بصحّتها. ووجدت رقعة من المعروف بابن شيث [١] الزيات إلى ابن أبي عون هذا يقول فيها: يا مولاي، عوائد مولاي عندي لطيفة، ورحمته وتفضّله وجميل إحسانه بامتنانه عليّ على كلّ حال، وإيناسي تفضل منه ورحمة، فأسأله بجوده أن يتمم ما تفضّل به ولا يسلبني إياه فإن نعمه عليّ ظاهرة وباطنة، قد ألبسني عافيته، وأصلح شأني، وأصلح ولدي، ورزقني القناعة، وفي ذلك الغناء الأكبر، وأكبر منه تفضّله عليّ بأمر عظيم لا يجازى بشكر، ولا يسعه إلا تفضّله، فإن مولاي الكبير دعاني ابتداء فصرت إليه، فقرّبني وأدناني ومنّ عليّ بحديثه، وسقاني بعد جهد بيده، وقرّبني غاية القرب، ومع هذه الحالة العظيمة وإعطائه لي الملك الخفيّ فقد صحّ قلبي من كلّ كسر كان فيه، وكل شدة جرت [عليه] ، وفعل بي ما لم يفعله بالثلّاج، وأرجو أن يمنّ مولاي بإتمام صلاحي دينا ودنيا، والمنة لمولاي، وأسأل مولاي الإحسان والتفضل، فإني فقير على كلّ حال، وأرجو منه توسعة في كلّ ضيق، وأمنا في كلّ خوف، وعزا في كلّ ذلّ، وأمانا [من] الشدائد، وما هو أولى به ممّا لا أعلمه، وهو القادر عليه والرحيم فيه بمنّه وجميل إحسانه، وهو حسبي ونعم الوكيل. واعترف ابن أبي عون أنها إليه، وأن المخاطبة فيها له، وأن ابن شيث أراد بقوله مولاي الكبير ابن أبي العزاقر، وبقوله الثلّاج الحسين بن القاسم، وأعطى بذلك خطّه وأشهد به؛ ووجد هذا الرجل مستبصرا في كفره، مستظهرا في أمره، مستقصيا في طريق غيّه، ماضيا في عنان شركه وإفكه، حتى إنه كلّف التبرؤ من ابن أبي العزاقر لعنه الله ونيله بهنة [٢] يصغّر بها قدره فامتنع من ذلك وأبى وحاد عنه واستعصى إلى أن لم يجد محيصا، فمدّ يده إلى لحيته على سبيل توقير وتكريم وإجلال وتعظيم


[١] ربما قرئت: شبيب.
[٢] م: بمهنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>