للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرف القذى وإماطة الأذى، وقال- معلنا غير مخافت-: مولاي مولاي. هذا إلى ما وجد بخطّه وخطوط نظرائه من الكبائر التي لا تسوغ في الدين، ولا يحتملها ذو يقين، وإلى ما رسمته هذه الفرقة من الأدعية التي موّهت بها على أهل الركاكة والغباوة، وإذا تأمّلتها أولو الروية والرواية وجدت مباينة لما ألف في الشريعة، مشوبة بالمكر والتدليس، مشحونة بالختل والتلبيس، محلّة دم مبتدعها والمتمسك بها. واستفتى أبو عليّ القضاة والفقهاء في أمر ابن أبي العزاقر، وصاحبه هذا الكافر، وسائر من على مذهبه ممن وجدت له كتب ومخاطبة ومن لم يوجد له ذلك، فأفتى من استفتي منهم بقتلهم وأباحوا دماءهم وكتبوا بذلك خطوطهم، فأمر أمير المؤمنين بإحضار ابن أبي العزاقر اللعين وابن أبي عون صاحبه وضريبه وتابعه، وأن يجلدا ليراهما من سمع بهما، ويتّعظ بما نزل من العذاب بساحتهما، ويتبين من دان بربوبية ابن أبي العزاقر عجزه عن حراسة نفسه، وأنه لو كان قادرا لدفع عن مهجته، ولو كان خالقا دفع [الإهانة] وكشف الضرّ عن جسده، ولو كان ربا لقبض الأيدي عن التنكيل [به] ، وجدّد أمير المؤمنين الاستظهار والحزم والرويّة فيما يمضيه من العزم، وأحضر عمر بن محمد القاضي بمدينة السلام [١] والعدول بها والفقهاء من أهل مجلسه، وسألهم عما عندهم مما انكشف من أمر ابن أبي العزاقر وأمور أهل دعوته وغيّه وضلالته، فأقامت الكافة على رأيها في قتله وتطهير الأرض من رجسه ورجس مثله، وزال الشكّ في ذلك عن أمير المؤمنين بالفتيا وإجماع القاضي والفقهاء، وبما وضح من إخلال هذا الضلال بالمسلمين [٢] وإفساد الدين، وذلك أعظم وأثقل وزرا من الإفساد في الأرض والسعي فيها بغير الحق، وقد استحقّ من جرى هذا المجرى القتل، فأوعز أمير المؤمنين بصلبه وصلب ابن أبي عون بحيث يراهما المنكر والعارف، ويلحظهما المجتاز والواقف، فصلبا في أحد جانبي مدينة السلام، ونودي عليهما بما حاولاه من إبطال الشريعة ورأياه من إفساد الديانة، ثم تقدم أمير المؤمنين بقتلهما ونصب


[١] هو عمر بن محمد بن يوسف (من نسل حماد بن زيد) أبو الحسين الأزدي، ولي القضاء بمدينة السلام في حياة أبيه ثم مات أبوه فأقر على القضاء إلى آخر عمره، وكان نسيج وحده في العلم والفضل والنجابة، توفي سنة ٣٢٨ (تاريخ بغداد ١١: ٢٢٩- ٢٣٢) .
[٢] م: اذلال ... المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>