وأربعمائة مدحه بقصيدة منها:
كفّي ملامك فالتبريح يكفيني ... أو جرّبي بعض ما ألقى ولوميني
برمل يبرين أصبحتم فهل علمت ... رمال يبرين أن الشوق يبريني
أهوى الحسان وخوف الله يردعني ... عن الهوى والعيون النجل تغويني
ما بال أسماء تلويني مواعدها ... أكلّ ذات جمال ذات تلوين
كان الشباب إلى هند يقربني ... وشاب رأسي فصار اليوم يقصيني
يا هند إن سواد الرأس يصلح لل ... دنيا وإن بياض الرأس للدين
لست امرءا غيبة الأحرار من شيمي ... ولا النميمة من طبعي ولا ديني
دعني وحيدا أعاني العيش منفردا ... فبعض معرفتي بالناس تكفيني
ما ضرّني ودفاع الله يعصمني ... من بات يهدمني والله يبنيني
وما أبالي وصرف الدهر يسخطني ... وسيب نعماك يا ابن الصّيد يرضيني
أبا سلامة عش واسلم حليف علا ... وسؤدد بشعاع الشمس مقرون
أشنا عداكم وأهوى أن أدين لكم ... فللعدى دينهم فيكم ولي ديني
فلما أتم إنشادها قال له: تمنّ، قال: أتمنى أن أكون أميرا، فجعله أميرا يجلس مع الأمير ويخاطب بالأمير وقرّبه، وقد تقدم أن الإمارة وجهت إليه سنة إحدى وخمسين من ديوان المستنصر بمصر، ولا منافاة بين الروايتين إذ يكون توجيه الإمارة إليه من الأمير محمود بن نصر تاليا لتوجيهها إليه من جانب المستنصر ومؤكدا مؤيدا له.
ووهبه صاحب حلب محمود أيضا مكانا بحلب تجاه حمام الواساني فجعله دارا وزخرفها، فلما تمّ بناؤها نقش على دائرة الدرابزين فيها [١] :
[١] انظر بغية الطلب: ٢٤٩، ٢٥٠، ٢٥١ وقال بعضهم إن الأبيات في نصر بن محمود، وعلّق ابن العديم بأن ابن أبي حصينة لم يدرك زمان نصر بن محمود؛ وقيل إن الحكاية جرت مع نصر بن صالح أخي ثمال، قال ابن العديم: ودفع إلي مدائح نصر بن صالح مدونة وفيها قصائد مدحه بها أبو الفتح وليس فيها القصيدة الرائية ولا الأبيات السينية، والصحيح أنه مدح بها معز الدولة ثمال بن صالح وأكثر مديحه فيه.