للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وصل أرمانوس [١] ملك الروم إلى حلب سنة إحدى وعشرين واربعمائة ومعه ملك الروس وملك البلغار والألمان والبلجيك والخزر والأرمن في ستمائة الف من الفرنج قاتلهم شبل الدولة نصر بن صالح صاحب حلب، فهزمهم وتبعهم إلى عزاز وأسر جماعة من أولاد ملوكهم، وغنم المسلمون منهم غنائم عظيمة، فقال ابن أبي حصينة في ذلك، وأنشدها شبل الدولة بظاهر قنسرين:

ديار الحقّ مقفرة يباب ... كأن رسوم دمنتها كتاب

نأت عنها الرباب وبات يهمي ... عليها بعد ساكنها الرّباب

تعاتبني أمامة في التصابي ... وكيف به وقد فات الشباب

نضا مني الصبا ونضوت منه ... كما ينضو من الكفّ الخضاب

ومنها:

إلى نصر وأيّ فتى كنصر ... إذا حلّت بمغناه الركاب

أمنتهك الفرنج غداة ظلّت ... حطاما فيهم السّمر الصّلاب

جنودك لا يحيط بهنّ وصف ... وجودك لا يحصّله حساب

وذكرك كلّه ذكر جميل ... وفعلك كلّه فعل عجاب

وأرمانوس كان أشدّ بأسا ... وحلّ به على يدك العذاب

أتاك يجرّ بحرا من حديد ... له في كلّ ناحية عباب

إذا سارت كتائبه بأرض ... تزلزلت الأباطح والهضاب

فعاد وقد سلبت الملك عنه ... كما سلبت عن الميت الثياب

فما أدناه من خير مجيء ... ولا أقصاه عن شرّ ذهاب

فلا تسمع بطنطنة الأعادي ... فانهم إذا طنّوا ذباب

ولا ترفع لمن عاداك رأسا ... فإن الليث تنبحه الكلاب


[١] انظر ابن الأثير ٩: ٤٠٤- ٤٠٥، وكان امبراطور الروم حينئذ هو رومانس L) Romanus (LL الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>