وقالت:
سلوا البارق الخفّاق والليل ساكن ... أظلّ بأحبابي يذكّرني وهنا
لعمري لقد أهدى لقلبي خفوقه ... وأمطر كالمنهلّ من مزنه الجفنا
وبلغها أن أبا جعفر ابن سعيد علق بجارية سوداء فأقام معها أياما فكتبت إليه:
يا أظرف الناس قبل حال ... أوقعه وسطه القدر
عشقت سوداء مثل ليل ... بدائع الحسن قد ستر
لا يظهر البشر في دجاها ... كلا ولا يبصر الخفر
بالله قل لي وأنت أدرى ... بكلّ من هام في الصور
من الذي حبّ قبل روضا ... لا نور فيه ولا زهر
فكتب إليها معتذرا:
لا حكم إلا لأمر ناه ... له من الذنب يعتذر
له محيا به حياتي ... أعيذ مجلاه بالسّور
كضحوة العيد في ابتهاج ... وطلعة الشمس والقمر
بسعده لم أمل إليه ... إلا طريفا له خبر
عدمت صبحي فاسودّ عشقي ... وانعكس الفكر والنظر
إن لم تلح يا نعيم روحي ... فكيف لا تفسد الفكر
وكتبت إلى بعض أصحابها:
أزورك أم تزور فإن قلبي ... إلى ما تشتهي أبدا يميل
فثغري مورد عذب زلال ... وفرع ذؤابتي ظلّ ظليل
وهل تخشى بأن تظما وتضحى ... إذا وافى إليك بي المقيل
فعجّل بالجواب فما جميل ... إباؤك عن بثينة يا جميل
وكان أبو جعفر ابن سعيد يوما في منزله وقد خلا ببعض أصحابه وجلسائه، فضرب الباب فخرجت جاريته تنظر من بالباب، فوجدت امرأة فقالت لها: ما تريدين؟ فقالت: ادفعي لسيدك هذه البطاقة، فإذا فيها: