قال الحسين بن أبي قيراط: انصرفت من عند أبي عبد الله نفطويه وقد كتبت عنه شيئا، فجئت إلى أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج فقال لي: ما هذا الكتاب؟ فأريته إياه، وكان على ظهره مقطوعتان أنشدنيهما نفطويه لنفسه، فلما قرأهما الزجاج استحسنهما وكتبهما بخطه على ظهر «كتاب غريب الحديث» وكان بحضرته:
تواصلنا على الأيام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع
يروعك صوته لكن تراه ... على روعاته داني النزوع
كذا العشّاق هجرهم دلال ... ومرجع وصلهم حسن الرجوع
معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دلّ المطاع على المطيع
والأخرى:
وقالوا شانه الجدريّ فانظر ... إلى وجه به أثر الكلوم
فقلت ملاحة نثرت عليه ... وما حسن السماء بلا نجوم
وذكر الفرغاني أن نفطويه كان يقول بقول الحنابلة: إن الاسم هو المسمّى وجرت بينه وبين الزجاج مناظرة أنكر الزجاج عليه موافقته الحنابلة على ذلك.
قرأت في «تاريخ خوارزم» قال أبو سعيد الحمديجي [١] ، سمعت نفطويه يقول: إذا سلّمت على اليهوديّ والنصراني فقلت له: أطال الله بقاءك وأدام سلامتك وأتمّ نعمته عليك فإنما أريد به الحكاية أي أن الله قد فعل بك إلى هذا الوقت وأعتقد به الدعاء للمسلم.
قال الحمديجي، وأنشدنا نفطويه لنفسه:
إذا ما الأرض جانبها الأعادي ... وطاب الماء فيها والهواء
وساعد من تحبّ بها وتهوى ... فتلك الأرض طاب بها الثّواء
يرى الأحباب ضنك العيش وسعا ... ولا يسع البغيضين الفضاء
وعقل المرء أحسن حليتيه ... وزين المرء في الدنيا الحياء
[١] م: أبو سعد الحمدلجي.