للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باصلاح نفسه، فكان يفرط به الصّنان فلا يغيّره، فحضر يوما مجلس حامد بن العباس وزير المقتدر فتأذى هو وجلساؤه بكثرة صنانه، فقال حامد: يا غلام أحضرنا مرتكا [١] فجاء به، فبدأ الوزير بنفسه فتمرتك وأداره على الجلساء فتمرتكوا، وفطنوا ما أراد بنفطويه، وأنه أراد من نفطويه أن يتمرتك فيزول صنانه من غير أن يجبهه بما يكره، فقال نفطويه: لا حاجة بي إليه فراجعه فأبى، فاحتدّ حامد واغتاظ وقال له: يا عاضّ كذا من أمه إنما تمرتكنا جميعا لتأذينا بصنانك، قم لا أقام الله لك وزنا، ثم قال:

أخرجوه عني، أو أبعدوه إلى حيث لا أتأذى به.

وقال ابن بشران أبو محمد عبيد الله في تاريخه: ومن شعر نفطويه:

الجدّ أنفع من عقل وتأديب ... إن الزمان ليأتي بالأعاجيب

كم من أديب يزال الدهر يقصده ... بالنائبات ذوات الكره والحوب

وآخر غير ذي دين ولا أدب ... معمّر بين تأهيل وترحيب

ما الرزق من حيلة يحتالها فطن ... لكنّه من عطاء غير محسوب

قال: وكان كثير النوادر، ومن نوادره: قيل لبهلول في كم يوسوس الانسان فقال: ذاك إلى صبيان المحلة.

قال: وقيل لبعض الشيعة: معاوية خالك فقال: لا أدري أمي نصرانية والأمر إليه.

بخط الوزير المغربي: قال نفطويه [٢] : أما سائر العلوم فهاهنا من يشركنا فيها، وأما الشعر فإذا متّ مات على الحقيقة. وقال: من أغرب عليّ ببيت لجرير لا أعرفه فأنا عبده. وقال ابن خالويه، وقال لي يوما وقد حضرته الوفاة: قد جالستني فما رأيت منك إلا خيرا فادع لي، ثم قال: وضئوني. وقد كنت آخذ بيده فمرّ بمسجد هشام بن خلف البزار فقال: هذا مسجد هشام مقرىء أهل بغداد، والله ما كان بأعلم مني، ولكنه أطاع الله فرفع [منه] وعصيت الله فوضع مني.


[١] المرتك: المرداسنج ويتخذ لقطع رائحة العرق.
[٢] روضات الجنات ١: ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>