للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقول: كنت معنيّا بالكتب وما أنا من العلماء ولا من الجهال.

وكان خالد جوادا ممدّحا، جاءه رجل فقال له: إني قد قلت فيك بيتين ولست أنشدهما إلا بحكمي، فقال له: قل، فقال:

سألت الندى والجود حرّان أنتما ... فقالا لي بل عبدان بين عبيد [١]

فقلت ومن مولاكما فتطاولا ... عليّ وقالا خالد بن يزيد

فقال له: تحكّم، فقال: مائة ألف درهم، فأمر له بها.

وكان خالد شجاعا جريئا، وكان بينه وبين عبد الملك بن مروان مناظرات، تهدده عبد الملك مرّة بالسطوة والحرمان، فقال له: أتتهددني ويد الله فوقك مانعة، وعطاؤه دونك مبذول؟!.

وأجرى [٢] أخوه عبد الله بن يزيد الخيل مع الوليد بن عبد الملك فسبقه عبد الله، فدخل الوليد على خيل عبد الله فنفّرها ولعب بها، فجاء عبد الله إلى أخيه خالد فقال: لقد هممت اليوم بقتل الوليد بن عبد الملك، فقال له خالد: بئس ما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين، قال: إنه لقي خيلي فنفّرها وتلاعب بها، فقال له خالد: أنا أكفيكه، فدخل خالد على عبد الملك وعنده الوليد فقال له: يا أمير المؤمنين إن الوليد بن أمير المؤمنين لقي خيل ابن عمه عبد الله فنفرها وتلاعب بها، فشقّ ذلك على عبد الله، فقال عبد الملك إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ

(النمل: ٣٤) فقال له خالد: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً

(الإسراء: ١٦) فقال له عبد الملك: أما والله لنعم المرء عبد الله على لحن فيه، فقال له خالد: أفعلى الوليد تعوّل في اللحن؟ فقال عبد الملك. إن يكن الوليد لحانا فأخوه سليمان، قال خالد: وإن يكن عبد الله لحانا فأخوه خالد، فقال عبد الملك: مدحت والله نفسك يا خالد، قال: وقبلي والله مدحت نفسك يا أمير المؤمنين، قال:

ومتى؟ قال: حين قلت أنا قاتل عمرو بن سعيد، [قال] حقّ والله لمن قتل عمرا أن


[١] ابن عساكر: فقالا جميعا إننا لعبيد؛ واقرأ «لي» بخطف الياء.
[٢] تهذيب ابن عساكر ٥: ١٢١- ١٢٢ والمصورة: ٥٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>