للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاعر مشهور رقيق الشعر؛ كان من كتاب الجيش، ثم ولاه الوزير محمد بن عبد الملك الزيات عملا ببعض الثغور، فخرج فسمع في طريقه مغنية تغني:

من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والشّجن

فبكى حتى سقط على وجهه مغشيا عليه، فأفاق مختلطا ووسوس.

وقال قوم: كان يهوى جارية لبعض الوجوه ببغداد فلم يقدر عليها فاختلط، وقيل إن السوداء غلبت عليه، وقيل [١] كان خالد مغرما بالغلمان ينفق عليهم كلّ ما يستفيد، فهوي غلاما يقال له عبد الله، وكان أبو تمام الطائي الشاعر يهواه، فقال فيه خالد:

قضيب بان جناه ورد ... تحمله وجنة وخدّ

لم أثن طرفي إليه إلا ... مات عزاء وعاش وجد

ملّك طوع النفوس حتى ... علّمه الزهو حين يبدو

واجتمع الصدّ فيه حتى ... ليس لخلق سواه صدّ

فبلغ ذلك أبا تمام فقال فيه أبياتا منها:

شعرك هذا كلّه مفرط ... في برده يا خالد البارد

فعلقها [٢] الصبيان، فما زالوا يصيحون به يا خالد البارد حتى وسوس. وهجا أبا تمام في هذه القصة فقال:

يا معشر المرد إني ناصح لكم ... والمرء في القول بين الصدق والكذب

لا ينكحنّ حبيبا منكم أحد ... فداء وجعائه [٣] أعدى من الجرب

لا تأمنوا أن تعودوا بعد ثالثة ... فتركبوا عمدا ليست من الخشب

وحدث ابن أبي سلالة الشاعر قال [٤] : دخلت بغداد في بعض السنين فبينا أنا مارّ في طريق إذا أنا برجل عليه مبطّنة وعلى رأسه قلنسوة سوداء، وهو راكب على


[١] الأغاني ٢٠: ٢٤١ وديوانه: ٥٠٢.
[٢] م: فعلمها.
[٣] م: فإن عجانه.
[٤] هو حمزة بن أبي سلالة الكوفي كما في الأغاني ٢٠: ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>