للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: خلف الأحمر معلم الأصمعي ومعلم أهل البصرة. وقال الأخفش: لم أدرك أحدا أعلم بالشعر من خلف الأحمر والأصمعي.

وقال ابن سلام [١] : أجمع أصحابنا أن الأحمر كان أفرس الناس ببيت شعر، وأصدق لسانا، وكنا لا نبالي إذا أخذنا عنه خبرا أو أنشدنا شعرا أن لا نسمعه من صاحبه. وقال شمر: خلف الأحمر أول من أحدث السماع بالبصرة، وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية فسمع منه وكان ضنينا بأدبه.

ولم يكن فيه ما يعاب. إلا أنه كان يعمل القصيدة، يسلك فيها ألفاظ العرب القدماء، وينحلها أعيان الشعراء كأبي دواد الإيادي وتأبط شرا والشنفرى وغيرهم، فلا يفرق بين ألفاظه وألفاظهم، فترويها جلّة العلماء لذلك الشاعر الذي نحله إياها، فمما نحله إلى تأبط شرا:

إن بالشّعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه لا يطلّ

ومما نحله الشنفرى القصيدة المعروفة بلامية العرب، أولها:

أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل

حدث يونس قال [٢] : كنا عند أبي عمرو بن العلاء ومعنا خلف الأحمر، فقرأ عليه رجل:

قالت أميمة ما له ... بعدي قد ابيضت شواته

فقال له أبو عمرو: عظمت الراء فظننتها واوا، وإنما هي سراته أي عاليته، فقال لي خلف بالفارسية: أصاب الرجل ووهم أبو عمرو. شواته جلدة رأسه. قال الصولي: والبيت لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت من قصيدة، وبعده:

فأراه ليس كما علم ... ت صحا وأقصر عاذلاته

ماذا نكرت من امرىء ... أن شاب مذ شابت لداته

قال يونس: سمعت أعرابيا يقول: قد قال لي أعرابي آخر كبرت والله. فقال:


[١] طبقات فحول الشعراء: ٢٣.
[٢] ما يقع فيه التصحيف (عبد العزيز أحمد) : ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>