للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستدعيه لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى رسوله خبزا يابسا، وقال له: كل، فما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان، وقال:

أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال

سخّى بنفسي أني لا أرى أحدا ... يموت جوعا ولا يبقى على حال

وإن بين الغنى والفقر منزلة ... مخطومة بجديد ليس بالبالي

فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه ... ولا يزيدك منه حول محتال

إن كان ضنّ سليمان بنائله ... فالله أفضل مسؤول لسؤال

والفقر في النفس لا في المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال

قيل: قطع سليمان جاريا كان يجريه عليه، فقال الخليل:

إن الذي شق فمي ضامن ... للرزق حتى يتوفاني

حرمتني خيرا قليلا فما ... زادك في مالك حرماني

فبلغت سليمان فأقامته وأقعدته، وكتب إلى الخليل يعتذر إليه، وأضعف جاريه، فقال الخليل [١] :

وزلة يكثر الشيطان إن ذكرت ... منها التعجب جاءت من سليمانا

لا تعجبنّ لخير زلّ عن يده ... فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا

وله [٢] :

اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ... ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري

حدث علي بن نصر الجهضمي قال [٣] : رأيت الخليل بعدما مات في النوم، فقلت له: ما صنع الله بك؟ قال: رأيت ما كنا فيه لم يكن شيئا، وما وجدت أفضل من «سبحان الله والحمد لله والله أكبر» .


[١] نور القبس: ٦٧.
[٢] نور القبس: ٦١.
[٣] نور القبس: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>