للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوردته من تاريخ حفيده وهو أعلم به، فأما بلاغته وحسن ألفاظه فقد أغنتنا شهرتها عن صفتها، وذكرتها الشعراء فقال [بعض أهل عصره] :

أصبحت مشتاقا حليف صبابة ... برسائل الصابي أبي إسحاق

صوب البلاغة والحلاوة والحجى ... ذوب البراعة سلوة العشاق

طورا كما رقّ النسيم وتارة ... تحكي لنا الأطواق في الأعناق

لا يبلغ البلغاء شأو مبرّز ... كتبت بدائعه على الأحداق

ولآخر فيه:

يا بؤس من يمنى بدمع ساجم ... يهمي على حجب الفؤاد الواجم

لولا تعلّله بكاس مدامة ... ورسائل الصابي وشعر كشاجم

قال أبو منصور: وكان يصوم شهر رمضان مساعدة وموافقة للمسلمين وحسن عشرة منه لهم، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه، وبرهان ذلك في رسائله. قال: وكان أبو إسحاق في عنفوان شبابه أحسن حالا منه في أيام اكتهاله، وفي ذلك يقول [١] :

عجبا لحظّي إذ أراه مصالحي ... عصر الشباب وفي المشيب مغاضبي

أمن الغواني كان حتى خانني [٢] ... شيخا وكان على صباي [٣] مصاحبي

أمع [٤] التضعضع ملّني متجنبا ... ومع الترعرع كان غير مجانبي

يا ليت صبوته إليّ تأخّرت ... حتى تكون ذخيرة لعواقبي

من قصيدة في فنّها فريدة، كتبها إلى الصاحب يشكو فيها عجره وبجره، ويستمطر سحبه ودرره، بعد أن كان يخاطبه بالكاف، ولا يرفعه عن رتبة الأكفاء.

وكان المهلبّي لا يرى إلا به الدنيا، ويحنّ إلى براعته ويصطنعه لنفسه، ويستدعيه في أوقات أنسه، وتوفي المهلبي وأبو إسحاق يلي ديوان الرسائل والخلافة على ديوان


[١] اليتيمة ٢: ٢٤٣.
[٢] اليتيمة: ملّني.
[٣] ر: هواي.
[٤] ر: أمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>