للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوزارة لأنّ المهلبي مات بعمان، وكان قد مضى لافتتاحها، واستخلف أبا إسحاق على ديوان الوزارة فاعتقل في جملة عمال المهلبي وأصحابه، فقال وهو معتقل [١] :

يا أيّها الرؤساء دعوة خادم ... أربت [٢] رسائله على التعديد

أيجوز في حكم المروءة عندكم ... حبسي وطول تهدّدي ووعيدي

قلّدت ديوان الرسائل فانظروا ... أعدلت في لفظي عن التسديد

أعليّ رفع حساب ما أنشأته ... فأقيم فيه أدلّتي وشهودي

أنسيتم كتبا شحنت فصولها ... بفصول درّ عندكم منضود

ورسائلا نفذت إلى أطرافكم ... عبد الحميد بهنّ غير حميد

قال الثعالبي: وكانت الرسالة التي نقمها عليه عضد الدولة كتابا أنشأه عن الخليفة في شأن عز الدولة بختيار وهو: «وقد جدّد له أمير المؤمنين مع هذه المساعي السوابق، والمعالي السوامق، التي يلزم كلّ دان وقاص، وعامّ وخاصّ، أن يعرف له حقّ ما كرّم به منها، ويتزحزح له عن رتبة المماثلة فيها» فإن عضد الدولة أنكر هذه اللفظة أشدّ الإنكار [٣] وأسرّها في نفسه إلى أن ملك العراق فحبسه كما تقدم ذكره.

وقال حفيده هلال بن المحسن في «أخبار الوزراء» : حدثني أبو إسحاق جدي قال: لما توفي أبو الحسين هلال أبي جاءني أبو محمد المهلبي معزيا به، فحين عرفت خبره في تعديته [إلى] مشرعة داري الشاطئة بالزاهر بادرت لتلقيه واستعفائه من الصعود فامتنع من الإجابة الى ذلك، وصعد وجلس ساعة يخاطبني فيها بكلّ ما يقوّي النفس ويشرح الصدر، ويصف والدي ويقرظه لي ويقول: ما مات من كنت له خلفا، ولا فقد من كنت منه عوضا، ولقد قرّت عين أبيك بك في حياته، وسكنت مضاجعه الى مكانك بعد وفاته، فقبّلت يده ورجله، وأكثرت من الثناء عليه والدعاء له، وحضرتني في الحال ثلاثة أبيات أنشدته إياها وهي:

لو وثقنا بأن عمرك يمت ... دّ بأعمارنا قتلنا النفوسا


[١] اليتيمة ٢: ٢٤٤.
[٢] ر: أوفت.
[٣] ر: أشد إنكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>